منذ الصغر وعند هبوب الرياح العاصفة في بيئتنا الصحراوية، كان مشهد «الأكياس البلاستيكية» حاضراً في أعيننا، وهي تتطاير في الهواء، أو تعلق بمكونات الأرض من حجر وشجر وحفر رمل.. لكي لا تتحول إلى هشيم منثور تذروه الرياح.
وكانت هذه الأكياس تقاوم كل أنواع الإتلاف الطبيعي، حتى لا تذوب وتتلاشى، وكنا بعد مرور السنوات نراها صامدةً في أماكنها التي مررنا عليها في مرحلة الطفولة. 
ولم يستمر صمود الأكياس البلاستيكية طويلاً حتى دخلت في استراتيجية الدولة للحفاظ على البيئة من كل ما يمكن أن يسبب لها أضراراً. ومن هذا المنطلق أعلنت هيئة البيئة في أبوظبي منذ سنوات عن إطلاق سياسة لخفض استهلاك الأكياس البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة، وذلك على نحو تدريجي، وصولاً في نهاية المطاف إلى حظر استخدام هذه الأكياس بشكل كلي واستبدالها بالأكياس متعددة الاستخدامات وفرض رسوم على المواد البلاستيكية الأخرى ذات البدائل.
وتهدف تلك السياسة إلى خفض استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الوحيد وإعلان إمارة أبوظبي خاليةً من الأكياس المستخدمة لمرة واحدة عام 2021، وذلك للحد من دخول هذه المواد إلى البيئة، بالإضافة إلى تغيير سلوك المجتمع نحو ممارسات أكثر استدامة.
واعتباراً من مطلع شهر يونيو عام 2022، أعلنت الهيئة عن حظر استخدام الأكياس البلاستيكية.
و أدت سياسة استخدام البلاستيك لمرة واحدة، التي وضعتها هيئة البيئة – أبوظبي إلى تقليل استخدام الأكياس البلاستيكية الخاصة بالاستخدام لمرة واحدة بنسبة تصل إلى 95% في السنة الأولى. 
ويعد هذا إنجازاً مهماً للغاية ونجاحاً لافتاً للنظر، وذلك باعتبار حداثة السياسات البيئية في هذا المجال الذي يعد مشكلة عالميةً كبرى وليس شأنا محلياً فحسب.
واتِّباعاً لذات المسار، جاءت سياسة دبي للحد من الأكياس البلاستيكية أيضاً، وقد ذهبت حكومة دبي إلى فرض تعرفة قدرها 25 فلساً على أكياس نقل البضائع أحادية الاستخدام فقط، وذلك ابتداء من أول يوليو عام 2022، وفي جميع المتاجر داخل دبي، ومن بينها محلات بيع التجزئة ومحلات الأقمشة والإلكترونيات والمطاعم والصيدليات وطلبات التوصيل وطلبات التجارة الإلكترونية.. كمرحلة أولى. وسيتم تقييم التجربة على مراحل إلى أن يجري حظر استخدام هذه الأكياس بشكل كامل خلال عامين من التطبيق ودراسة التغيرات الحادثة في سلوكيات أفراد المجتمع.
وتهدف سياسة دبي بهذا الخصوص إلى الحد من الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، ومن ثم إلى تعزيز الاستدامة في جميع المجالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وصولاً إلى بناء منظومة مستدامة للحفاظ على الموارد الطبيعية، ودعم الاقتصاد الأخضر منخفض الكربون.. بغية تحقيق استراتيجية دبي لإدارة النفايات 2041، وأهداف التنمية المستدامة الـ17 التي أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2030. 
ولا ننسى بهذا الخصوص أن استضافة دولة الإمارات مؤتمر القمة العالمية حول المناخ «كوب 28»، تعد فرصةً عالمية يطلع من خلالها العالم على مبادرات دولة الإمارات في حماية الطبيعة والبصمات الكبيرة في هذا المجال، والتي عبّر عنها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بقوله: «نأخذ من بيئتنا قدر حاجتنا، ونترك فيها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً للخير ونبعاً للعطاء». وقد اتخذت دولة الإمارات من هذه المقولة الخالدة مرجعاً ومنهاجاً، وترجمتها إلى سياسات واستراتيجيات وتشريعات، تهدف إلى تحقيق التنوع البيولوجي، وتعزيز التوازن المنشود بين النمو والحفاظ على البيئة واستدامة مواردها الطبيعية.

*كاتب إماراتي