للبحار أهمية كبرى في الحفاظ على التوازن البيئي، وهي تعتبر مصدراً للغذاء وهطول الأمطار، بالإضافة  إلى الدور التاريخي الذي اضطلعت به قديماً لمد جسور التواصل بين الشعوب  وربط القارات فيما بينها، خصوصاً إبان الكشوفات الجغرافية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وتعزى فعاليتها كعوامل محركة  للاقتصادات الوطنية والإقليمية. وفي هذا السياق، نظمت منذ أيام أكاديمية المملكة المغربية بشراكة مع  المنتدى العالمي للبحار والموسم الأزرق في مدينة طنجة،  الدورةَ الأولى لمؤتمر قمة أفريقيا الزرقاء  Blue Africa Summit.
وشارك في هذه القمة مسؤولون أمميون وزعماء سياسيون ومسؤولون في المجتمع المدني ومنظمات مختصة في المحيطات وخبراء اقتصاديون من قارات أوروبا وأميركا وآسيا وأفريقيا، ومن دول عربية. وقال بيتر تومسون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة حول المحيطات، في تدخله خلال جلسات مؤتمر القمة، إن القارة الأفريقية يمكنها أن تكتسب الكثير من التحوّل نحو «الاقتصاد الأزرق»، كما يمكنها بالمقابل أن تخسر الكثيرَ أيضاً إذا لم تهتم به، وذلك ببساطة لأنه «لا قارة صحية من دونَ بحار صحية».   
وقد أطلقت هذه القمة «إعلان طنجة» الذي وضع خريطةَ طريق لحكومات دول القارة الأفريقية من أجل تطوير «خطط استراتيجية للتنمية المستدامة لصالح سواحلها ومجالاتها الاقتصادية الخاصة»، وذلك من أجل «اقتصاد أزرق مستدام، ولتنمية حماية المجالات الساحلية وتنوعها البيولوجي بنسبة 30 في المائة في أفق سنة 2030». 
كما دعت قمة أفريقيا الزرقاء كل المقاولين في مجال السواحل إلى «تطوير نماذج اقتصادية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار العيش الكريم لساكنة هذه المناطق الساحلية». وأوصت أيضاً كلَّ الدول من أجل «تشجيع المبادرات، مثل (السور الأزرق الكبير) أو الممرات البحرية، بدمج الخبرات العلمية، والانخراط الواسع، والتنمية من أجل حماية البحر.. بوصفه ثروة مشتركة». 
وقد أبرز «إعلان طنجة» أن «مؤتمر قمة أفريقيا الزرقاء» قد نُظّم وسينظَّم من أجل «إسماع صوت أفريقيا بشكل أقوى» لدى جميع المخاطَبين الدوليين، والمواعيد العالمية المرتقبة التي تتفاوض حول منع مِنح الصيد غير الشرعي، والصيد الذي يستنزف طاقةَ البحر، ووقف استغلال أعماق البحار. 
زد على ذلك أن الإعلان أوصى الدول الأفريقية بالتصديق في أسرع وقت ممكن على اتفاقية حماية البحر والتنوع البيولوجي، خاصة وأنها تنتمي إلى قارة يعيش ثلثا ساكنتها على بعد أقل من 60 كيلومتراً من السواحل. 
كل هذا الكلام يوحي بأن المجتمع الدولي دخل محطات متسارعة، من أجل «مواجهة الكوارث البيئية الكبرى لزماننا»، لكنها قرارات ينبغي أن تفعَّل مِن قِبَل دول المعمورة، خاصة أن الانتقال إلى «اقتصاد أزرق مستدام» يتطلب لقاءَ وتعاونَ القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، بتمويل مشترك، في ظلّ مناخ يدمج الجميع، مع اتخاذ قرارات علمية وتنزيلها على مختلف المستويات.
نتمنى أن يأخذ المشاركون إلى عواصم بلدانهم «رسالة الاستعجال هذه»، لأنه في القارة 54 دولة، و«إذا تحركت أفريقيا كوَحدة» يمكن اعتماد القرارات الأممية التي ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل الكرة الأرضية.

*أكاديمي مغربي