بينما يبدأ طلاب أميركا العام الدراسي الجديد، فإنهم يواجهون عجزاً تاريخياً في التعلم. لقد فشل المسؤولون المنتخبون في مواجهة الأزمة ومساعدة الطلاب.

وبدلاً من ذلك، تحول الكثيرون إلى سياسة من شأنها أن تساعد في جهود إعادة انتخابهم دون مساعدة الأطفال: إصدار تكليفات بإنشاء فصول أصغر. إن التفويضات المتعلقة بحجم الفصل هي السياسة المفضلة لنقابات المعلمين، لأسباب ليس أقلها أنها تطلب في كثير من الأحيان من المقاطعات توظيف المزيد من المعلمين المنتمين إلى النقابات.

كما أنها تمنع تسريح المعلمين من المدارس التي ينخفض فيها معدل الالتحاق. ستستحق الفصول الأصغر حجماً هذه النفقات الجديدة الهائلة على الموظفين والمرافق إذا حققت النتائج التي يروج لها المؤيدون ــ ولكن كما تظهر الخبرة والبيانات، فإن هذا لا يحدث. على الرغم من أن الطلاب يمكن أن يكونوا أكثر انخراطاً في الفصول الدراسية الأصغر حجماً، إلا أن الإنجازات – إذا كانت هناك إنجازات على الإطلاق - تكون صغيرة، وتقتصر في الغالب على الصفوف الأصغر سناً، وتتركز في شكل ندوات مع عدد قليل جداً من الطلاب، وهو ما يستحيل تكراره على نطاق واسع. وقد وجدت إحدى الدراسات أنه مقارنة بالاستثمارات في التكنولوجيا والدروس الخصوصية وبرامج الطفولة المبكرة وغيرها من السياسات، فإن تقليص حجم الفصل كان الطريقة الأقل فعالية من حيث التكلفة لتحسين تعلم الطلاب.

وخلصت مراجعة أجريت عام 2018 لـ 148 تقريراً من 41 دولة إلى أن الفصول الأصغر حجماً كان لها تأثير «ضئيل جداً» على إتقان القراءة وليس لها تأثير على الرياضيات، على الرغم من النفقات الهائلة المخصصة لها. ومع ذلك، فإن معظم الولايات تنظم الآن أحجام الفصول الدراسية بطريقة ما، بدءاً من النسب المقررة بين المعلمين والطلاب إلى الحدود القصوى الأكثر صرامة لعدد الطلاب المسموح به في الفصل الدراسي، مع فرض عقوبات على المناطق التي لا تلتزم بذلك. والآن تضطر مدينة نيويورك، وهي أكبر منطقة للمدارس العامة في البلاد، إلى تبني بعض التدابير الأكثر شمولاً.

وبموجب تشريع الولاية الجديد، سيُطلب من المدينة، اعتباراً من العام المقبل، تقليل الحد الأقصى لعدد الطلاب في الفصول الدراسية في جميع المدارس العامة من 25 إلى 20 طالب في رياض الأطفال ومن 32 إلى 20 في الصفوف من الأول إلى الثالث الابتدائي.

بالنسبة للصفوف من الرابع إلى الثامن، سيتم تحديد الحد الأقصى لعدد الطلاب بـ 23، مع تخفيض فصول المدارس الثانوية من 34 إلى 25. ويقول مسؤولو المدينة إنهم سيتعين عليهم تعيين 17700 معلم جديد بحلول عام 2028 وإنفاق ما يصل إلى 1.9 مليار دولار سنويا على رواتب إضافية.

هذا بالإضافة إلى حوالي 35 مليار دولار سيتطلبها القانون لتوسيع أو تجديد أكثر من 1500 مدرسة في المدينة. من غير المرجح أن يساعد تحديد أحجام الفصول الدراسية في جميع المجالات الطلاب الأكثر حرماناً في المدينة، بل وربما يؤذيهم. تنتشر الفصول الكبيرة بشكل أكبر في المدارس ذات معدلات الالتحاق المرتفعة، والتي تميل أيضاً إلى خدمة الأحياء الأكثر ثراءً.

وبموجب التفويض الجديد، فإن 38% فقط من المدارس التي تعاني من أعلى مستويات الفقر ستشهد تقلص أحجام الفصول الدراسية، مقارنة بحوالي 70% من المدارس المتوسطة إلى منخفضة الفقر. إن التمويل الذي كان من الممكن أن يستهدف الطلاب الأكثر احتياجاً سيتدفق إلى الأثرياء نسبياً.

وبما أن المدارس الأكثر ثراءً والتي تحظى بحضور جيد تخلق مناصب جديدة لتلبية متطلبات حجم الفصل الدراسي، فإن المدارس ذات الدخل المنخفض تخاطر برؤية أفضل معلميها يختارون تلك الوظائف بدلاً من ذلك. إن قوانين حجم الفصل الدراسي تمثل استخداماً سيئاً للموارد المحدودة للمدارس. وبدلاً من فرض تفويضات صارمة، ينبغي للولايات أن تمنح قادة المدارس المرونة اللازمة لاستخدام الأموال في برامج أخرى، مثل الدروس الخصوصية المكثفة والتعليم الصيفي، التي تكون أكثر فعالية في المساعدة على إحراز تقدم أكاديمي. ومن الأفضل إنفاق الأموال المخصصة لتوظيف موظفين جدد في مكافأة المعلمين الموهوبين وزيادة الحوافز لهم للعمل في المناطق المحرومة وفي الفصول الدراسية التي تضم طلابا متعثرين.

ومن المفيد أيضاً أن يكون القادة «الديمقراطيون» أكثر دعماً للمدارس العامة المستقلة عالية الجودة، والتي تتفوق في الأداء على المدارس العامة التقليدية بينما تتلقى تمويلاً عاماً أقل بكثير. تتطلب أزمة فقدان التعلم قدراً أعظم من الاهتمام من قِبَل قادة البلاد وسياسات أكثر فعالية لمعالجتها.

مايكل بلومبيرج*

*المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بطموحات المناخ وحلوله، ورئيس مجلس الابتكار الدفاعي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»