على الرغم من أن التضخم آخذ في الانحسار، والبطالة وصلت إلى أدنى مستوياتها القياسية أو اقتربت منها، والنمو مستمر في الولايات المتحدة بوتيرة قوية، إلا أن الأميركيين متشائمون للغاية بشأن الاقتصاد. أكثر من نصفهم يقولون إن الوضع يزداد سوءاً، بينما يقول 28% آخرون إنه لا يتحسن. ويوافق 37% فقط من الأميركيين على الطريقة التي يتعامل بها الرئيس جو بايدن مع الاقتصاد.

الخبر السار بالنسبة لبايدن هو أن الناخبين يميلون إلى أن تكون لديهم ذاكرة قصيرة الأمد. وما يهم لإعادة انتخابه ليس ما يعتقده الناخبون عن الاقتصاد الآن، ولكن ما سيفكرون به بعد عام من الآن. والنبأ السيئ هو أنه إذا كان الناخبون لا يعتقدون أن هذا الاقتصاد جيد، فربما لن يغيروا رأيهم بعد عام، حتى لو تحسن الاقتصاد. تعتمد إعادة انتخاب بايدن إلى حد كبير على مسألة ما إذا كان بإمكانه تغيير آراء الناخبين.

وتعتمد الإجابة في جزء كبير منها على سبب وجود مثل هذه الفجوة بين التصورات الاقتصادية والواقع. وفيما يلي بعض التفسيرات المحتملة. الفارق الزمني: التفسير الأكثر ترجيحاً هو أيضاً الأبسط؛ إذ يستغرق الأمرُ وقتاً حتى يثق الجمهور في أن الأوقات الأفضل ستستمر. وترتبط البيانات ذات الصلة بالركود القصير الناجم عن الوباء في عام 2020 والتضخم المرتفع في عام 2022.

وهذا يضيف ما يقرب من ثلاث سنوات من الاضطراب الاقتصادي، وشهور قليلة فقط من الأوقات الجيدة غير المؤهلة نسبياً. إذا كان هذا هو التفسير، فيجب أن يبدأ النمو الاقتصادي المستمر، إلى جانب انخفاض التضخم، في تحقيق النتائج في غضون عام أو نحو ذلك. التضخم: يبحث الاقتصاديون الكثيرَ من الإحصاءات بالطبع، لكن الناخبين يهتمون كثيراً بالأسعار.

لذلك، في حين أن القياسات الأخرى قد تتحسن، ما يزال يُنظر إلى معدلات التضخم المعتدلة (في نطاق 3% إلى 6%) على أنها مرتفعة. إذا كان صحيحاً أن التصورات الضعيفة للاقتصاد ناتجة عن ترجيح مستويات التضخم الحالية بشكل كبير (على عكس آثار التضخم المرتفع للغاية في العام الماضي)، فإن التصورات المستقبلية للاقتصاد ستعتمد بشكل غير متناسب على انخفاض التضخم على طول الطريق لتحقيق هدف الاحتياطي الفيدرالي المتمثل في الوصول بالمعدل إلى 2%.

الجائحة: هذا مرتبط بتفسير التأخير الزمني؛ إذ يبدو أن الناخبين قد تجاوزوا مخاوفَهم بشأن فيروس كورونا، مع عدم تصنيف أي شخص تقريباً للوباء على أنه قضية رئيسية، ومع ذلك لا بد أن يكون لمثل هذه الكارثة المدمرة تأثير على الحالة المزاجية الوطنية، حتى بعد مرورها. لذا فإن التصورات السيئة عن الاقتصاد يمكن أن تكون مجرد انعكاس لمزاج وطني سيئ بشكل عام، مما قد يساعد في تفسير الأحداث الأخرى أيضاً.

وإذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يتلاشى هذا في المستقبل، مما قد يساعد على أن يحل التفاؤل الاقتصادي محل التشاؤم. الاستقطاب الحزبي: وكما يوضح استطلاع شبكة «سي إن إن»، فإن هناك انقسام حزبي قوي عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، مع اقتناع «الجمهوريين» بأنه قد انهار، بل إن البعض أبلغوا عن تغيير سلوكهم الشخصي رداً على ذلك.

وهذا صحيح، لكن من الصحيح أيضاً أن «الديمقراطيين» لديهم وجهاتُ نظر مختلطة حول الاقتصاد الحالي. وقد يُفسَّر الاستقطاب الحزبي بالإشارة إلى صعوبة الحصول على هذا النوع من المشاعر الاقتصادية الإيجابية، لكنه في أحسن الأحوال مجرد تفسير جزئي لما يحدث الآن. وسائل الإعلام: لاحظ كل من الصحفيين والأكاديميين تحيزاً إعلامياً مفاده أن جميع الأخبار الاقتصادية سيئة، وهو معيار يتم انتهاكه فقط عندما تكون الأخبار جيدة جداً لفترة طويلة. وهناك دلائل على ظهور الأخبار السارة وآراء الخبراء، خاصة في الأسابيع القليلة الماضية.

وغني عن القول إن وسائل الإعلام تساعد في تشكيل الرأي العام، لذا إذا أصبح تصويرهم للاقتصاد أكثر إيجابية، فإن التصورات عن الاقتصاد يجب أن تتحسن. وأخيراً، بصفتي أستاذاً في العلوم السياسية، أشعر أنه من واجبني أن أشير إلى أن علماء السياسة لم يتمكنوا أبداً من تحديد المؤشرات الاقتصادية التي تتنبأ بالتأييد الرئاسي والانتخابات.

وعادةً لا يمثل هذا مشكلةً، لأن معظم مؤشرات الاقتصاد تعمل معاً؛ فإذا كان نمو الوظائف قوياً، فسيكون كذلك الدخل الشخصي والنمو الاقتصادي الكلي وما إلى ذلك. لكن من المحتمل بالتأكيد أن هناك بعض المؤشرات الاقتصادية الرئيسية التي تجاهلها الاقتصاديون وعلماء السياسة رغم أنها تهم الناخبين كثيراً. أعتقد أن هذا التفسير غير محتمل.

لكن كما قلتُ، أشعر بأنني مضطر إلى إثارة الاحتمالية. إنني على يقين بأنه إذا استمرت الأوقات الجيدة، فسيدرك الناخبون ذلك في النهاية، وسيستفيد الرئيس. إذا توقف الاقتصاد بالطبع، فلن يكون لأي من هذا أهمية بالنسبة لبايدن، وهناك دائماً فرصة لعدم تغير التصورات بالسرعة الكافية لمساعدته في العام المقبل. في كلتا الحالتين، إذا أراد الفوز بالانتخاب مرة أخرى، فسيحتاج إلى إقناع الناخبين برؤية الاقتصاد بشكل إيجابي أكثر مما يفعلون الآن.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»