بدأ للتو اختيار مرشحي «حزب المحافظين» البريطاني للانتخابات العامة المقبلة، والتي يتوقع إجراؤها قبل نهاية يناير 2025. ويعتبر «روبرت هاريسون» المرشح المحتمل لمقعد تم إنشاؤه حديثاً بالقرب من أكسفورد في بيسستر ووودستوك، وهو جزء من العالم يميل إلى حزب المحافظين.

وفي غضون ذلك، سيحل «نيك تيموثي» محل «مات هانكوك» كمرشح محتمل عن وست سوفولك، التي يحظى فيها حزب المحافظين حالياً بأحد أعلى معدلات الأغلبية في البلاد. الخبر السار بالنسبة للمحافظين، هو أن كلاً من هاريسون وتيموثي موهوبان بما يكفي لتحقيق صحوة بعد الهجوم المتوقع في الانتخابات المقبلة. تشير حقيقة أن هاريسون على استعداد للتخلي عن مهنة مربحة للغاية مع شركة بلاك روك إلى أن الأمل لم يضع في أرض حزب المحافظين. والنبأ السيئ هو أن هاريسون وتيموثي لديهما وجهات نظر مختلفة تماماً حول ما يجب أن يمثله مبدأ المحافظين وإلى أين يجب أن يتجه.

كل من هاريسون وتيموثي من المطلعين السياسيين البارزين. كان هاريسون ناجحاً للغاية ككبير لمستشاري وزير الخزانة الأسبق جورج أوزبورن في الفترة من 2010 إلى 2015 لدرجة أنه أطلق عليه لقب «وزير الخزانة الحقيقي». وكان تيموثي كبير مستشاري رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي عندما كانت تشغل منصب وزيرة الداخلية في 2010-2016، علاوة على منصبه ككبير للمستشارين، جنباً إلى جنب مع فيونا هيل، عندما انتقلت «ماي» إلى داونينج ستريت في عام 2016. وبينما كان هاريسون يتصف دائماً بالقيادة السلسة، أحدث تيموثي صخباً كبيراً، حيث اصطدم في داونينج ستريت بالعديد من أعضاء البرلمان والمسؤولين بأسلوبه القاسي.

وقد أُجبر على الاستقالة عندما اتضح أن بيان حزب المحافظين لعام 2017، الذي كتبه، يحتوي على ألغام مثل حديثه عن خطة لفرض رسوم على كبار السن، ممن لديهم منازل ثمينة، مقابل تقديم الرعاية الاجتماعية (أطلق عليها سريعاً «ضريبة الخرف»). وأمضى تيموثي حياته المهنية في كتابة عمود في صحيفة الديلي تلجراف والتفكير في مستقبل الحزب. وهو حالياً يدير مشروع «مستقبل التيار المحافظ» لمركز الأبحاث «أونوورد». ويمثل هاريسون وتيموثي كذلك نوعين مختلفين جداً من مبدأ المحافظين.

فقد انحازا إلى جانبين متعارضين في القضايا التي مزقت الحزب خلال العقود الأخيرة: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والتقشف، والتدخل الحكومي. يمثل هاريسون «مبدأ المحافظين في مقاطعة نوتنج هيل»، الذي ابتكره ديفيد كاميرون وأوزبورن، والذي يجادل بأن الطريق إلى السلطة يكمن في إرضاء المهنيين العالميين بمزيج من الليبرالية الاجتماعية والليبرالية الاقتصادية. ومن وجهة النظر هذه، يكمن مستقبل بريطانيا في المدن والبلدات الجامعية ومراكز صناعة المعرفة.ومن ناحية أخرى، يعد تيموثي هو مهندس «مبدأ المحافظين في مقاطعة إيردينجتون»، وهو اسم المنطقة التي نشأ فيها في برمنجهام)، والذي يؤكد أن الطريق إلى السلطة يكمن في استمالة ناخبي الطبقة العاملة بمزيج من المحافظة الاجتماعية (الوطنية والقيم التقليدية) والقومية الاقتصادية (بريكست والسياسة الصناعية).

وقد انهارت استراتيجية تيموثي في عام 2017 عندما فقدت ماي أغلبيتَها، لكنها حققت مكاسبَ كبيرةَ بعد ذلك بعامين عندما حطم بوريس جونسون «الجدار الأحمر» لحزب العمال في الشمال وفاز بأغلبية 80 مقعداً. ويُظهر هذا الصدامُ حيويةَ حزب المحافظين. فبعد 15 عاماً من تولي السلطة، فإنه يضم أشخاصاً لديهم وجهات نظر قوية حول دور الدولة والتوتر بين الأسواق والمجتمع. ربما سيسمح حل المسألة الأوروبية أخيراً للأشخاص الجادين مثل هاريسون وتيموثي بإنتاج تركيبة إبداعية جديدة، تركيبة تنجح في تقوية المجتمعات دون تبني الحمائية ومناشدة «الإدارة فقط» دون تنفير مجموعة نوتنج هيل. والنتيجة الأكثر احتمالاً هي أن اختيار هاريسون وتيموثي ينذر بحرب أهلية مقبلة.

ولا تتعلق الانقسامات هنا بالقضايا المثيرة للقلق، لكنها بالأحرى تتعلق بأسئلة عميقة مثل كيفية تحقيق الرخاء الشامل في الاقتصاد الرأسمالي الحديث. كان تيموثي هو المؤلف لخطاب ماي بعنوان «مواطنين في أي مكان» والذي انتقد فيه النخب العالمية. كما أوضح مخاوفه بشأن الرأسمالية العالمية بشكل مطول في كتابه «إعادة تشكيل أمة واحدة: المحافظة في عصر الأزمات». أما هاريسون فكان يعمل في شركة «بلاك روك» لإدارة الأصول العملاقة، التي لها مكاتب في أكثر من 30 دولة وكانت من أبطال الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG.

أعتقد أن الحزب سيستمر في التحرك في اتجاه أكثر قوميةً في المستقبل، لا سيما إذا مني بخسارة فادحة في الانتخابات القادمة، وأن ذروة الليبرالية المزدوجة قد وصلت في عهد كاميرون أوزبورن. الاقتصاد راكد للغاية، والخاسرون كثيرون، والحروب الثقافية شرسة للغاية بحيث لا تبرر العودة إلى الكاميرونية. لكن بغض النظر عن مزايا هذا الحدس، فلا شك لدي في أنه إذا مضت الانتخابات في مسارها، سيقود هاريسون وتيموثي المحاربين في حرب المحافظين القادمة.

أدريان وولدريدج*

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج أند سينديكيشن»

*كاتب عمود لدى «بلومبيرج أوبينيون»