منذ بداية العام الجاري تتصدر وسائل الإعلام الدولية عناوينٌ حول الخطر الذي يتهدد «الديمقراطية والتعددية في إسرائيل» واستقلال القضاء الإسرائيلي و«نمط الحياة الليبرالي» في إسرائيل.. فالحكومة الإسرائيلية الجديدة المنتخبة في نوفمبر 2022 اعتُبرت الأكثر تشدداً في تاريخ الدولة العبرية، إذ حصل تحالف زعيم حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، على 64 مقعداً من أصل 120 في الكنيست الإسرائيلي. ويعكس معسكرُ الأحزاب الثلاثة المتحالفة مع حزب «الليكود» التيارَ الديني المتشدد الذي يؤكد تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، بالإضافة إلى حماية دخول جماعات متشددة إلى باحات المسجد الأقصى.


وتشهد إسرائيل منذ شهر يناير الماضي احتجاجات كبيرة لم يسبق لها مثيل على خطة حكومة نتنياهو لإصلاح النظام القضائي، وهي خطة اعتبرها المتظاهرون مناهضةً للديمقراطية، حيث قدمت حكومة نتنياهو الجديدة سياسات وقوانين مقترحة تحد من فصل السلطات بين الهيئات القضائية والتشريعية والتنفيذية، ذلك الفصل الذي يشكل عنصراً أساسياً في البناء الديمقراطي للدول ويشكل عنصرَ توازن بين السلطات الثلاث، ولو بشكل نظري، ويعمل على حماية الديمقراطيات من الاستبداد.

وتتم تغطية أخبار المظاهرات والاحتجاجات في إسرائيل على أنها مظهَرٌ لأزمة الديمقراطية الإسرائيلية.
المحكمة العليا الإسرائيلية ساهمت في إسباغ الشرعية القانونية  على العديد من الإجراءات المختلفة التي تمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني بحق الفلسطينيين. وعلي سبيل المثال، بعد قرار الحكومة الإسرائيلية في عام 2002 بالموافقة على بناء الجدار الفاصل الذي تم تخطيط وإقامة الجزء الأكبر منه داخل أراضي الضفة الغربية، قضت المحكمة العليا بأن ذلك القرار قانوني وبأنه يأتي لأسباب أمنية.
كما لعبت قراراتُ المحكمة العليا دوراً  في تكريس السيطرة على التركيبة السكانية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية. وغالباً ما تتماشى قراراتُ المحكمة العليا مع قرارات الحكومة الإسرائيلية في رفض إخلاء البؤر الاستيطانية. وعلى سبيل المثال رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الأسبوع الماضي التماساً يطالب بإخلاء معهد لتدريس التوراة في البؤرة الاستيطانية العشوائية «حومش» (شمالي الضفة الغربية)، وهو ما يعطى شرعيةً قانونية لإقامة مستوطنة جديدة فيها. وكانت مستوطنة حومش واحدة من 4 مستوطنات أُخليت عام 2005 ضمن تطبيق خطة «فك الارتباط» مع قطاع غزة.
 المحكمة العليا الإسرائيلية تدافع عن الحقوق الديمقراطية  داخل المجتمع، والقرارات التي صادق عليها الكنيست ستسمح للحكومة الإسرائيلية، سواء الحالية أو المستقبلية باستهداف من  لا يتفقون مع السلطة التنفيذية، وهذا ما قد يعمل على تقويض قدرة الهيئة القضائية على محاربة الفساد. 
*كاتبة إماراتية