بينما تركز معظم وسائل الإعلام اهتمامها، فيما يتعلق بالقضايا القانونية، على المحكمة العليا، فإن العدد الهائل من القضايا الفيدرالية لا يصل إليها أبداً. ويقوم قضاة محاكم المقاطعات والدوائر، بالإضافة إلى القضاة الفيدراليين في المحاكم المتخصصة، بأداء نصيب الأسد من العمل القضائي.
وبينما لا يشك أحد في أهمية المحكمة العليا، فإن القضاة التسعة بها يمثلون جزءاً بسيطاً من 890 منصباً قضائياً مصرحاً به. واعتباراً من 27 يوليو، كان هناك 69 منصباً شاغراً في القضاء الفيدرالي، مع وجود 27 ترشيحاً معلقاً. وأعلن الرئيس بايدن الأسبوع الماضي عن جولته السادسة والثلاثين من الترشيحات القضائية، والتي بلغ مجموعها 180 قاضياً في غضون ما يزيد قليلاً على عامين ونصف العام. ومن هؤلاء، تم التأكيد على تعيين 140 قاضياً.
خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب رئيساً، تم تعيين ثلاثة قضاة في المحكمة العليا، و54 آخرين في محاكم الدائرة الفيدرالية، و174 في محكمة محلية وثلاثة في محكمة التجارة الدولية الأميركية.. أي ما مجموعه 234 قاضياً. إذا كان بايدن يملأ جميع الوظائف الشاغرة، فإن مجموع من سيقوم بتعيينهم خلال سنواته الأربعة سيتجاوز عدد القضاة الذين عينهم ترامب.
لكن المهم هو نوع القضاة الذين يعينهم بايدن، ولا أشير فقط إلى النظرة الأيديولوجية والخبرة. ووفقاً لتقرير حول تنوع قضاة المحكمة الفيدرالية من قبل جمعية الدستور الأميركية، أكد بايدن على تعيين نسبة مئوية أعلى بكثير من النساء (67.14%) مقارنة بترامب (23.9%) أو بأوباما (41.95%). كما أن 66% من مرشحي بايدن كانوا من الملونين، وفقاً للبيت الأبيض. وكان 30% من قضاة بايدن المعتمدين أميركيين من أصل أفريقي (بما في ذلك قاض واحد في المحكمة العليا)، على عكس النسبة 3.85% خلال عهد ترامب والنسبة 17.93% في عهد أوباما. كما عيّن بايدن عدداً أكبر من النساء الأميركيات من أصول أفريقية في مقاعد المحاكم الدورية أكثر من جميع الرؤساء السابقين مجتمعين.
وبالمثل، فإن المقارنة بين ذوي الأصول الإسبانية مثيرة: قام بايدن بتعيين 15.71% وترامب 3.85% وأوباما 9.73%. كما قام بتعيين ضعف النسبة المئوية للقضاة الأميركيين الآسيويين مقارنةً بالنسبة التي عينها كل من ترامب وأوباما. ومع هيمنة المدعين العامين السابقين على المحكمة الفيدرالية، شرع بايدن في تعيين المزيد من المحامين العامين. ووفقاً لرويترز، «في المجموع، رشح بايدن 41 محامياً عاماً في القضاء الفيدرالي، بما في ذلك 12 قاضياً في محاكم الاستئناف، وفقاً للتحالف من أجل العدالة». كما قام بتعيين عدد من محامي الحقوق المدنية البارزين في مناصب قضائية، بما فيهم ديل هو، وجولي ريكيلمان، وتيفاني كارترايت، وجيسيكا كلارك.
ورغم كل ذلك، فإن مقاعد قضاة المحكمة الفيدرالية تظل من البيض بأغلبية ساحقة (حوالي 68%) والذكور (حوالي 62%). هذا يخبرك إلى أي مدى كانت المحكمة الفيدرالية غير متنوعة منذ بدء الدستور، إذ لم يتم تعيين أول قاضٍ من الذكور السود حتى عام 1937، ولم يتم تعيين أول قاضية سوداء حتى عام 1966.
وإذا كان الرؤساء المستقبليون ملتزمين بالتنوع مثل بايدن، وما لم تكن هناك ثورة كاملة في الحزب الجمهوري، إذا كان للرؤساء المستقبليين أغلبية ديمقراطية في مجلس الشيوخ، فإن المحكمة الفيدرالية ستبدو في النهاية مثل بقية أميركا.
ويمكن للكونجرس تسريع العملية، وذلك، من بين أمور أخرى، من خلال تفويض المزيد من القضاة الفيدراليين. ليس الأمر وكأن القضاة الفيدراليين يعانون من نقص في العمل. على العكس من ذلك، عانت المحاكم الفيدرالية من التأخيرات والتراكم لسنوات.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»