البلاستيك أحد أكبر التهديدات التي تواجه محيطاتنا اليوم، ويتسبب في أضرار لا توصف للنظم البيئية، وأضرار اقتصادية هائلة للمجتمعات الساحلية، ويشكل تهديداً صحياً محتملاً لأكثر من ثلاثة مليارات شخص يعتمدون على المأكولات البحرية. وقدم برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة مقترحاً للحفاظ على تداول البلاستيك لأطول فترة ممكنة من خلال إعادة الاستخدام وإعادة التدوير. ويدافع بعض النشطاء والعلماء عن وضع حد أقصى لإنتاج البلاستيك وتقليص استخدامه. 
ويجب بحث جميع المقترحات. لكن إذا أردنا وقف تدفق البلاستيك إلى محيطاتنا في المستقبل القريب، فعلينا تركيز أعمالنا على الأنهار الملوثة التي تحمل معظمه إلى المحيطات. ففي عام 2011، حين كان عمري 16 عاماً، ذهبت للغوص خلال عطلة عائلية في اليونان، متحمساً لتجربة الجمال السرمدي للبحار وأحيائها. لكني رأيت أكياس بلاستيك أكثر من الأسماك. لقد كانت خيبة أمل ساحقة. وسألت نفسي، «لماذا لا يمكننا تنظيف هذا فحسب؟» هل كنت ساذجاً؟ ربما. لكنني شرعت في المحاولة. بحلول عام 2013، كنت قد أسست «مؤسسة تطهير المحيط» غير الربحية التي تمولها التبرعات ومجموعة من الشركاء الخيريين بهدف تطهير المحيطات من البلاستيك. ومن المنطقي استهداف ما قد يكون الرمز الأكثر وضوحاً لمشكلة البلاستيك في المحيط، وهي رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادئ، وهي مساحة في شمال المحيط الهادئ تزيد مساحتها على ضعف مساحة تكساس تتراكم فيها الزجاجات وغيرها من نفايات البلاستيك عند التقاء التيارات. 
ويمثل العمل في ظروف قاسية في المحيطات تحدياً، وقد واجهنا نصيبنا من الخيبات. وما جعلنا نواصل السير كانت المشاهد التي واجهتها طواقمنا في البحر. فقد رأينا أسماكاً ممزقة كانت أحشاؤها مليئة بشذر بلاستيك حادة، وسلاحف بحرية واقعة في شرك شباك صيد مهجورة. وفي النهاية، في عام 2021، تمكنا من تشغيل نظامنا. فقد جعلنا قاربين يسحبان حاجزاً على شكل حدوة الفرس يبلغ طوله ميلاً تقريباً عبر الماء ببطء لجمع البلاستيك. ثم ننقل النفايات إلى الشاطئ ونعيد تدويرها. ونحن نحرص بشدة على ضمان ألا تضر جهود التنظيف التي نبذلها بالنظام البيئي البحري. وأدت صور سحب أكوام من البلاستيك من المحيط إلى اتهامات، لم يتم إثباتها مطلقاً، بأنها تم تنظيمها. لكن أطنان البلاستيك التي نجمعها كلها حقيقية بشدة. 
ما زلنا في المرحلة التجريبية، لكن وفقاً لتقديراتنا، أزلنا أكثر من 0.2 بالمئة من البلاستيك الموجود في الرقعة حتى الآن ولا تزال أنظمتنا تتحسن. وأمامنا طريق طويل، لكننا نحرز تقدماً. وتنظيف بقع القمامة في المحيط أمر شديد الأهمية. لكن إذا لم نوقف تدفق مزيد من البلاستيك إلى المحيطات، فلن نتمكن أبداً من إنجاز المهمة. فمنذ ظهور منتجات البلاستيك في النصف الأول من القرن العشرين، نما الطلب بشكل كبير. وتختلف التقديرات، لكن يتم إنتاج نحو 400 مليون طن من البلاستيك كل عام. ويُعتقد أن ما بين تسعة ملايين و14 مليون طن يتسلل إلى النظم البيئية المائية سنوياً. ومن الصعب تحقيق تخفيضات كبيرة حقيقية في استخدام البلاستيك. فقد أصبح البلاستيك من ضرورات الحياة الحديثة، فهو مزيج فريد من الخفة والمتانة والكلفة المنخفضة، ما يوفر فائدة لا يمكن إنكارها.
ومع زيادة سكان العالم وانتشال مزيد من الناس من براثن الفقر واتجاههم إلى أنماط حياة أكثر جنوحاً للاستهلاك، سينمو الطلب على السلع المعبأة بالبلاستيك حتماً. وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يتضاعف استخدام البلاستيك ثلاث مرات تقريباً بحلول عام 2060 بالمعدل الحالي، مع حدوث معظم النمو خارج أوروبا والولايات المتحدة. ووضعت إيكونوميست إمباكت ومبادرة العودة إلى الأزرق التابعة لمؤسسة نيبون، نماذج لسيناريوهات السياسة لخفض إنتاج البلاستيك بحلول عام 2050. ولم ينتج عن أي منها معدل إنتاج أقل مما نراه اليوم. وحظرت أماكن مثل كندا والاتحاد الأوروبي المنتجات «التي تستخدم مرة واحدة» مثل أدوات المائدة البلاستيكية. لكن هذه السياسات تقلص قليلاً الاستهلاك فحسب، ولا تكفي لتعويض النمو المتوقع في السنوات المقبلة. ويتعين علينا الاستعداد لمستقبل تستخدم فيه البشرية مزيداً من البلاستيك، وليس أقل. 
والحل يتمثل في تحسين إدارة النفايات. ويعتبر سكان أوروبا والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية من بين أكثر مستخدمي البلاستيك، حيث يستهلكون حوالي ثلث الإجمالي العالمي، لكن هذه الدول مسؤولة بشكل مباشر عن نحو واحد بالمئة فقط مما يتسرب إلى المحيط، وهذا يرجع جزئياً بسبب أنظمتها الجيدة نسبياً في جمع النفايات والتخلص منها. لكن إدارة النفايات متخلفة في بلدان كثيرة ذات دخل متوسط ​​ومنخفض، وهذا هو السبب الرئيسي في أن آسيا وغرب أفريقيا وأميركا اللاتينية، وفقاً لنتائجنا، هي البؤر الأكثر نشاطاً في التسبب في تلوث البلاستيك في العالم. والمراد في نهاية المطاف هو العثور على عالم تمتلك فيه كل مدينة أنظمة ممتازة لجمع القمامة والتخلص منها. لكن إدارة النفايات مكلفة. وقد يستغرق ترقية الأنظمة حول العالم إلى مستوى الدول الغنية عقوداً. وفي غضون ذلك، تستمر آلاف الأطنان من البلاستيك في التدفق إلى المحيط كل يوم، وكلها تقريباً تحملها الأنهار. 
وفحص بحثنا أكثر من 100 ألف من الأنهار والجداول في العالم، ووجدنا أن ما يقارب 80 في المئة من كل البلاستيك المتسرب إلى المحيط يأتي من 1000 نهر فقط، أو واحد بالمئة من الأنهار. بطريقة ما، هذه أخبار جيدة لأنها تتيح لنا تحديد المصادر الرئيسية للتلوث واعتراضها. وحين نضع في اعتبارنا أن هذا التسرب لا يمثل إلا جزءاً صغيراً من إجمالي كمية البلاستيك التي يتم إنتاجها في جميع أنحاء العالم، فلدينا فرصة حقيقية لإغلاق الصنبور بسرعة، وكسب الوقت حتى يمكننا تحسين إدارة النفايات العالمية. ونحن نعمل بالفعل على هذا. ويعترض برنامج تنظيف المحيطات القمامة في عشر أنهار ملوثة في دول من بينها إندونيسيا وماليزيا وفيتنام وجمهورية الدومينيكان والولايات المتحدة. وهناك مجموعة من المنظمات الأخرى تقوم بعمل مماثل. 
وأحدث موقع لنا هو ريو موتاجوا في جواتيمالا، وهو مصدر رئيسي لتلوث البلاستيك. وبدأنا الجمع في أواخر أبريل، وفي الأسابيع الثلاثة الأولى استخرجنا 816 طناً من القمامة، منها 272 طناً من البلاستيك وهو ما يعادل تقريباً كل تلوث البلاستيك الذي يتسرب إلى المحيط من فرنسا في عام كامل. وبالطبع سيكون الحد من استخدام البلاستيك مفيداً. ويمكن زيادة أسعار البلاستيك لزيادة الطلب على نفايات البلاستيك والمساعدة في دفع كلفة الجمع والمنع وجهود التطهير الأخرى. 

لكن إذا أردنا بحاراً خالية من البلاستيك، فعلينا أن نبدأ بالتركيز على المناطق التي يكون فيها نفوذنا أكبر. ومنع صب الأنهار للبلاستيك هو الطريقة الأسرع والأكثر فعالية من حيث الكلفة لمنع وصول البلاستيك إلى المحيط، والطريقة الأكثر واقعية لمعالجة هذه المشكلة بالإلحاح الذي تتطلبه. وتوجد حلول فعالة، ويقع على عاتق حكومات العالم التزام أخلاقي لتوسيع نطاقها بسرعة حتى تتمكن البشرية أخيراً من التخلص من الفوضى التي تعيشها.

بويان سلات 
المؤسس، الرئيس التنفيذي لـ «منظمة تطهير المحيط»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»