مع بداية يوم جديد في المركز التاريخي لمدينة سيوداد جواريز، على الحدود الشمالية للمكسيك، يقوم المشاةُ بتوجيه هواتفهم الجوالة إلى الخارج، ثم إلى الأعلى، ثم يتراجعون مرة أخرى، ويلتقطون بعض الصور الذاتية المفاجئة.

لكن هؤلاء ليسوا مجرد شريحة من الحياة في عام 2023، أو مجرد مجتمع ملتصق بأجهزته الرقمية، بل مهاجرون يحاولون اتخاذ الخطوة الأولى، كما يفعلون كل يوم في الساعة 9 صباحاً، للمطالبة بالحماية الإنسانية في الولايات المتحدة. مرحباً بكم في أحدث مبادرة تقنية في أميركا: طلب اللجوء عبر التطبيق.

منذ 12 يناير الماضي، طالبت إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (سي بي بي) الأفرادَ الذين يسعون إلى دخول الولايات المتحدة بموجب استثناءات المادة 42، وهو قانون مؤقت لحقبة الوباء تم استخدامه لطرد طالبي اللجوء والمهاجرين على مدار السنوات الثلاث الماضية، لاستخدام تطبيق الجوال الذكي «سي بي بي وان» (CBP One) الجديد. ويقبل التطبيقُ المواعيدَ من المكسيك لعدة دقائق فقط كل صباح، وبينما سجل المحظوظون نقاطاً معه بسرعة، فقد ترك الآخرين لأهواء التكنولوجيا ومواطن الخلل وكل شيء.

ومما يزيد من اتساع الفجوة الرقمية أن التطبيق يطلب من طالبي اللجوء أن تكون لديهم هواتف ذكية أو الاتصال بالإنترنت أو رصيد الهاتف وقدر من الثقافة أو محو الأمية والمعرفة التكنولوجية الأساسية. يقول النقاد إن هذا لا يتماشى مع الواقع بالنسبة للكثيرين هنا ممن يأملون في الحصول على الحماية الإنسانية في الولايات المتحدة، ويضيف المزيد من عدم المساواة والتعسف في عملية تعتبر بالنسبة لمعظم المستخدمين الخطوة الأكثر تحديداً لمسار حياتهم.

يقول ديفيد، طالب قانون في أوائل العشرينيات من عمره، والذي فر من القمع السياسي في نيكاراجوا في نوفمبر الماضي: «أنا أكره التطبيق». ومع توقع انتهاء العمل بالمادة 42 هذا الأسبوع، سيستمر التطبيق، لكن قد يكون هناك بعض التخفيف. وقد أعلن مكتب الجمارك وحماية الحدود عن التغييرات التي ستدخل حيز التنفيذ في 10 مايو، بما في ذلك زيادة عدد المواعيد المتاحة، والسماح بمزيد من الوقت لإكمال عملية الطلب، وإعطاء الأولوية للأشخاص بناءً على وقت تسجيلهم في التطبيق. لا يمكن لهذه التغييرات أن تأتي بالسرعة الكافية لمن هم مثل ديفيد.

بعد أن شعر بالإحباط، بعد شهرين من محاولة الحصول على موعد من خلال التطبيق، والذي كان يتعطل باستمرار قبل تأكيد الوقت أو ببساطة لا يتم تحميله، فكر ديفيد واثنان من أصدقائه في تسلق السياج الحدودي للولايات المتحدة وتسليم أنفسهم للسلطات للحصول على فرصة لطلب اللجوء. أحدهم، أليكس من هندوراس، تابع حتى النهاية، وقال إنه أصيب برصاص مطاطي وضرب بسلاح ناري من قبل المسؤولين المكسيكيين. يقول الشباب إنهم يخشون الشرطةَ المكسيكيةَ، ووجود عصابات على نطاق واسع، وضعفهم المتزايد مع تضاؤل الأموال التي بحوزتهم.

ويتساءل ديفيد: «كيف لا تستطيع الولايات المتحدة، التي يُفترض أنها أفضل دولة في العالم، إنشاء تطبيق يعمل؟». ويضيف: «يمكنني الاتصال بكل شيء، الموسيقى ووسائل التواصل الاجتماعي والأخبار.. لكن عندما أفتح تطبيق (سي بي بي وان)، لا يكتمل تحميله دائماً! لقد تم تصميم هذا التطبيق ليفشل». وفي ملجأ للمهاجرين في سيوداد جواريز، اعتادت كيسي بلازا على تقاسم هذه المشاعر، حتى تمكنت من أخذ موعد لأسرتها في الأسبوع السابق. تقول السيدة بلازا: «كان لدي شعور باليأس قبل أن أحصل على هذا الموعد».

وفي ملجأ «اسباسيو ميجرانت» في تيخوانا، حاول مركز قانون المدافعين عن المهاجرين (ImmDef) نقل مهارات جديدة لما يقرب من 100 مهاجر ولاجئ في صفوف مزدحمة. يقوم المركز بتنظيم دورات تدريب بعنوان «تعرف على حقوقك»، وبالتدريب على استخدام تطبيق «سي بي بي وان»، وهي دورات شائعة بشكل متزايد في الملاجئ في جميع أنحاء المكسيك.

يقول ليندساي توكزيلوفسكي، المدير التنفيذي لمركز قانون المدافعين عن المهاجرين: «في طريقنا إلى هنا اليوم أعلن بايدن عن تغييرات قادمة في سياسة الهجرة». بعد العرض التقديمي، تتم دعوة الحضور لعقد اجتماعات فردية مع 10 محامين أميركيين زائرين، يمكن أن تكون مساعدتهم أساسية مثل التقاط صورة للشخص الذي يحاول التسجيل في التطبيق وتحميله. يحتاج الآخرون إلى مساعدة في الترجمة، ويتوفر تطبيق سي بي بي وان باللغات الإنجليزية والإسبانية والكريولية الهايتية فقط. وتؤكد بساطة بعض الأسئلة والحواجز على مدى التعقيد الذي يمكن أن يكون عليه الاعتماد على تطبيق رقمي لمثل هؤلاء السكان المعرّضين للخطر والعابرين.

ووفقاً لأحدث بيانات إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، فإنه خلال الفترة بين يناير ومارس، نجح أكثر من 74000 شخص في تحديد المواعيد من خلال تطبيق سي بي بي وان، ومعظمهم من مواطني المكسيك وفنزويلا وهايتي. وأعلن وزير الأمن الداخلي الأميركي أليخاندرو مايوركاس في 28 أبريل أنه في حين سيتم توفير المزيد من المواعيد بعد 11 مايو، عندما تنتهي صلاحية المادة 42، فإن عواقب الاقتراب من الحدود دون استخدام التطبيق ستصبح أكثر قسوة، بما في ذلك إجراءات الإزالة العاجلة. في مأوى آخر بضواحي تيخوانا، تقول بيلكيس ريفيرا عندما يتعلق الأمر بتطبيق سي بي بي وان، فإنها تشعر بالإرهاق.

لقد فرت عائلتها من هندوراس قبل عام بعد أن قالت إن زوجها وابنتها الصغرى تعرضا للضرب على أيدي عصابات محلية بسبب عدم دفع مبلغ ابتزازي. قبل إطلاق التطبيق، أمضوا 5 أشهر في قائمة غير رسمية لطالبي اللجوء المقيمين في الملجأ، حيث يعرفون من المسؤولين الأميركيين كل أسبوع عدد الأشخاص الموجودين في القائمة الذين يمكنهم الحصول على استثناء لتقديم أنفسهم على الحدود. لو لم يتم إطلاق التطبيق، لكانت عائلتها ستتاح لها الفرصة للتحدث مع عناصر الحدود الشهر المقبل. الآن، تخشى أن يمضي عام آخر قبل أن تتمكن من ذلك.

ويتني أوليش*

صحفية لدى «كريستيان ساينس مونيتور» مختصة بتغطية دول أميركا اللاتينية.

ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»