توقيع الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية للاستثمار في مجال الطاقة النظيفة، بغلاف مالي يصل 100 مليار دولار، والذي شهده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في العاصمة أبوظبي، يعكس الاهتمامَ الكبيرَ الذي توليه دولةُ الإمارات للاستثمار في مجال الطاقة النظيفة. فرغم ما تتمتع به الدولة من احتياطيات نفطية، فإنها تُعد من البلدان الأكثر اهتماماً بالطاقة النظيفة، كما أنها من أوائل الدول التي وضعت خططاً طموحةً من أجل تنويع مصادر الطاقة. وسعياً منها لتحقيق المستهدفات المستقبلية، أطلقت «استراتيجية الإمارات للطاقة 2050» بهدف إنتاج 50% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر نظيفة بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة.
ويعكس الاتفاق المذكور رغبةَ الجانبين، الإماراتي والأميركي، في توسيع علاقاتهما الاقتصادية وإقامة مشاريع مشتركة في مختلف المجالات وعلى رأسها مجال الطاقة البديلة، إلى جانب قطاعي المعرفة وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.
وتولي دولةُ الإمارات قطاعَ الطاقة النظيفة أهمية خاصة، باعتباره من القطاعات الحيوية والهامة الداعمة للاقتصاد الوطني والمعزِّزة لمسيرة التنمية المستدامة، وكونه محوراً رئيسياً لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية، انطلاقاً من حرص الدولة على الاستعداد جيداً للخمسين عاماً القادمة في مجال الطاقة. 
ووفقاً لمعالي الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، فإن توقيع الشراكة الإماراتية الأميركية يأتي امتداداً للعلاقات التجارية بين البلدين، والتي تشهد تطوراً كبيراً في مختلف القطاعات. 
والحقيقة أن هذه الشراكة التي تُعَد قفزةً نوعيةً في العلاقات بين البلدين تحمل الكثير من المعاني التجارية التي لا تنحصر في الجانب الاقتصادي التقليدي بل تتعداه إلى الاستثمار في تنوع الاقتصاد التكنولوجي المعرفي الجديد، وذلك بسبب تنامي الدور السياسي والاقتصادي لدولة الإمارات في مجال الاقتصاد والطاقة المتجددة، خاصةً وأن دولة الإمارات العربية المتحدة، تعد من الدول المتطورة والمزدهرة اقتصادياً، ناهيك عن أنها تنعم باستقرار أمني وسياسي واقتصادي وتجاري مهم يمكّنها من أن تكون لاعباً قوياً ومؤثراً وفاعلا على الساحة الدولية في مجال النفط والطاقة البديلة المتطورة.
ولابد من التذكير هنا بأن الإمارات كانت من الدول الرائدة في تطوير قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة، وفي ابتكار طرق وأساليب حديثة لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية وإيجاد حلول بديلة عن الطاقة التقليدية، بما يدعم التنمية المستدامة التي تعد ركيزةً أساسيةً لبناء مستقبل مزدهر، خاصة في المرحلة الحالية حيث بدأ الجميع يدرك خطر التغير المناخي وكذلك أهمية الاقتصاد الحديث القائم على قواعد الاستدامة. وقد أطلقت دولة الإمارات عدة مبادرات وأفكار جديدة نوعية حول الاستثمار النوعي المستديم، مما جعلها منصة لاطلاق مثل هذه المبادرات المبتكرة، والتي بدأ العالم يهتم بها ويدرك قيمتها المستقبلية، بما في ذلك تنفيذ مشاريع عملاقة في مجال الطاقة النظيفة. وكانت أبوظبي من المدن القليلة في العالم التي أخذت على عاتقها مسؤولية الاهتمام بها الاستثمار في مجال الاستدامة والاقتصاد الأخضر القائم على الذكاء الاصطناعي وصداقة البيئة، ضماناً للتطور وحفاظاً على الموارد.

*كاتب سعودي