ما لم تحدث حرب عالمية ثالثة سيحتفل العالم عام 2045 بمرور100 عام على نهاية الحرب العالمية الثانية، وما لم يتم إلقاء قنبلة نووية ثالثة.. سوف يحيى العالم ذكرى مرور 100 عام على إلقاء الولايات المتحدة قنبلتين نوويتين على هيروشيما ونجازاكي.
لكن الحدث الأهم في ذلك العام 2045.. وهو أيضاً أحد أهم الأحداث في تاريخ العالم منذ نشأته وإلى اليوم.. هو بدء إنتاج الطاقة النووية الاندماجية من المحطات النووية الجديدة.
يبدأ الفصل الأول من الشمس.. حيث تنشأ الطاقة داخل الشمس وكل الشموس (النجوم) من الاندماج النووي، والذي يقع عندما تتصادم نواة الذرات داخل الشمس ببعضها البعض في درجة حرارة تتجاوز 10 ملايين درجة مئوية. فدرجة الحرارة الأسطورية هذه هى التي تنهي التنافر الكهربائي بين الذرات، وتجعلها تندمج، ومن دون هذه الحرارة الهائلة لا يمكن أن يتحقق الاندماج النووي، ولا هذه الطاقة الكبرى، ولربما انطفأت الشمس.
الفصل الثاني من القصة يتمثل في نجاح العلم في تقسم نواة الذرة، ومن ثم إنتاج طاقة هائلة وسلاح دمار شامل. تُسمى عملية تقسيم الذرة إلى عدة أجزاء بالطاقة الانشطارية، وهى أساس الطاقة النووية في العالم، كما أنها أساس صناعة القنبلة النووية.
على قدر الإنجاز العلمي الكبير بالتوصل إلى إنتاج الطاقة النووية الانشطارية، وتفتيت الذرة لأول مرة في التاريخ، على قدر المشكلات الناجمة عن ذلك، فالوقود المستخدم في الطاقة النووية الانشطارية يأتي من اليورانيوم والبلوتونيوم وهى عناصر نادرة وشديدة التكلفة، ثم إنها ينتج عنها قدر كبير ومخيف من النفايات النووية، فضلاً عن احتمالات وقوع كوارث نووية. وفي حال نفاد اليورانيوم والبلوتونيوم من الطبيعة تصبح هناك معضلة في إنتاج الطاقة النووية الانشطارية.
الفصل الثالث من القصة.. راح العلماء يبحثون في تطبيق نظرية الشمس، أي بدلاً من تقسيم الذرة القيام بدمج الذرات أي بدلاً من «الانشطار» يكون «الاندماج».
في فرنسا يعمل كبار علماء الفيزياء النووية منذ عقود على مشروع عملاق يهدف إلى استخدام بلازما الهيدروجين بدلاً من الليزر من أجل إنتاج الطاقة النووية الاندماجية.
قبل ختام عام 2022 جاءت المفاجأة من مختبر لورانس ليفرمور الوطني بالولايات المتحدة، حيث تم التوصل لأول مرة في التاريخ لإنتاج الطاقة النووية الاندماجية. كان ذلك بمثابة نهائي مذهل لمونديال العلم في مجال الطاقة، بالتوازي مع مونديال كرة القدم الذي غطى على ذلك الإنجاز العظيم.
تم استخدام طاقة الليزر في إنتاج طاقة نووية اندماجية، إنها ثورة علمية كبرى.. إنها طاقة لا تنتهي، وهى طاقة نظيفة، فلا كربون إذن، وهى طاقة آمنة فلا كوارث نووية، وهى أضعاف الطاقة النووية الانشطارية.
يتوقع العلماء إمكانية الوصول إلى هذه الطاقة على المستوى الصناعي في غضون عشرين عاماً، وهكذا فإن العالم عام 2045 هو عالم جديد تماماً، فالطاقة النووية الجديدة ستجعل من الأرض كوكباً آخر.. طاقة عظمى ومناخ أعظم.
لم نصل إلى نهاية العالم بعد، فلا يزال العقل البشري قادراً على الإبداع والإنقاذ، يحتاج العالم إلى أن يفسح السياسيون الطريق قليلاً ليتمكن العلماء من العبور.
* كاتب مصري