تعاني سريلانكا حالياً من أزمة اقتصادية طاحنة بسبب انخفاض احتياطي النقد الأجنبي الذي أدى إلى عدم قدرتها على استيراد المواد الغذائية والأدوية والوقود. وباعتبارها جاراً قريباً وقوةً كبرى في جنوب آسيا، لا يسع الهند إلا أن تقدّم كل أنواع المساعدة لسريلانكا، لأنها يمكن أن تتأثر هي أيضاً بما يحدث في هذا البلد الجار. وحتى الآن، هبّت الهند للمساعدة في الوقت المناسب، إذ قدّمت للاقتصاد السريلانكي ما يعادل مليار دولار من خطوط الائتمان، إضافةً إلى 500 مليون دولار قدّمتها من قبل من أجل تغطية نفقات الجازولين. وإلى ذلك، أرسلت الهند شحنات من الأرز والجازولين كانت هناك حاجة عاجلة إليها. كما تقوم الهند حالياً بتكثيف صادرات السلع والخدمات الهندسية إلى جانب استثمارات في مشاريع البنية التحتية الأساسية في سريلانكا، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى بقائها هناك في هذه الدولة الجزيرة التي تقع في موقع استراتيجي في المحيط الهندي، وتوجد في مركز تَنافس على النفوذ بين الهند والصين.
أزمة سريلانكا الاقتصادية كانت تعتمل ببطء، قبل أن تبلغ أوجها مع جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى انهيار السياحة التي تُعد الركيزة الأساسية لاقتصاد الدولة الجزيرة والمصدر الرئيسي للعملة الصعبة. يضاف إلى ذلك خطوات خاطئة وغير موفقة قامت بها الحكومة السابقة، بما في ذلك قرار مفاجئ بتحويل الزراعة إلى زراعة عضوية. القرار الفجائي الذي اتُّخذ بين عشية وضحاها أضر بالإنتاج الغذائي وتسبب في فوضى حقيقية لقطاع الزراعة، ما أثّر على الإنتاج الزراعي للبلد. وكل هذا أدى بدوره إلى تدهور مفاجئ في الاقتصاد السريلانكي الذي كان يُنظر إليه في السابق على أنه قصة نجاح. وخلال الشهور القليلة الماضية، بلغ التضخم 17 في المئة، وتفاقم نقص الوقود والطاقة، إذ عرفت أسعار السلع الأساسية ارتفاعاً صاروخياً. وعُلّقت عمليات المستشفيات بسبب غياب الإمدادات الطبية. وحتى امتحانات المدارس والكليات أُجِّلت بسبب نقص الورق. 
الأزمة الاقتصادية أدت إلى انعدام الاستقرار السياسي مع رحيل رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا عقب اشتباكات عنيفة بين أنصاره والمحتجين. ففي شهر مايو الماضي، عجزت الدولة عن تسديد ديونها لأول مرة في تاريخها. وهي مدينة الآن لبنوك ومقرضين صينيين بـ7 مليارات دولار، وهو ما قد يكون أحد أسباب تردد بكين في زيادة المساعدات. وبالمقابل، يُنظر إلى الهند على أنها تركت صدى طيباً بين السريلانكيين بالنظر إلى أنها وفّرت مساعدات بقيمة 3.5 مليار دولار، بما في ذلك 12 شحنة من الوقود يفوق حجمها 400 ألف طن متري، إلى جانب مواد غذائية مثل الحليب والمواد الطبية، وذلك في وقت يعاني فيه السريلانكيون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إلى جانب نقص المواد الأساسية. 
العلاقات بين الهند وسريلانكا عرفت مداً وجزراً خلال السنوات القليلة الماضية في وقت عزّزت فيه بكين حضورها في الدولة الجزيرة. وخلال ولايته الأولى في الحكم اعتباراً من عام 2014، تبنى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي سياسةَ «الحي أولاً» من أجل تركيز أكبر على «الحي». ومن جانبهم، ما فتئ المسؤولون الهنود يجدّدون التأكيد على مركزية سريلانكا بالنسبة لسياسة «الحي أولاً» الهندية. وما زالت الهند قادرة على الاستمرار في مساعدة سريلانكا، على الرغم من أن الهند تأثرت بالأزمة السريلانكية أيضاً. ويُعد ميناء كولومبو نقطة شحن رئيسة لقرابة 60 في المئة من تجارة الهند الدولية. ولهذا، فإن أي اضطرابات في الميناء من شأنها أن تؤثّر على التجارة الهندية، ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل. كما أن هناك استثمارات هندية في سريلانكا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية 5 مليارات دولار، وأي اضطرابات من شأنها أن تؤثّر على كل من التجارة والاستثمارات. 
وعلى الرغم من أن صادرت الهند إلى سريلانكا آخذة في الانخفاض نظراً لأن التجار في سريلانكا لا يستطيعون حالياً دفع ثمن الواردات وهناك تخوف من تأخر الدفع، فإن مصدِّري الشاي والمنسوجات الهنود يبدو أنهم أصبحوا أكثر تنافسية من نظرائهم السريلانكيين، ويستطيعون تصدير منتجاتهم إلى البلدان الأوروبية والأميركية. وفي الأثناء، هناك تأثيرات أخرى ممكنة للأزمة تشمل ارتفاعاً في تدفق اللاجئين. وحتى الآن ليس هناك أي ارتفاع ملحوظ، لكن ذلك يمكن أن يتغير في حال استمر اقتصاد البلاد في مواجهة مصاعب كبيرة. وفي هذا الوضع، قد تسوء الأمور أكثر وتتحول إلى سيل سيكون من الصعب السيطرة عليه.
وعليه، تسعى الهند حالياً وراء تحسن سريع للوضع في سريلانكا لجملة من الأسباب. وفي الوقت الراهن، يبدو أن المظاهرات الضخمة بدأت تخفت قليلاً رغم أن الأزمة الاقتصادية لم تنتهِ بعد. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن 28 في المئة من السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائي، كما أن معدل الفقر تضاعف هذا العام. وإضافة إلى ذلك، يظل تضخم أسعار المواد الغذائية مرتفعاً في وقت يعني فيه استمرار نقص النقد الأجنبي أن العديد من الواردات باتت نادرة أو منعدمة، بما في ذلك الأدوية الأساسية. وعليه، من الواضح أن الهند في حاجة للاستمرار في مراقبة الوضع في سريلانكا التي لديها إمكانيات للتأثير على المصالح الهندية. 

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي