الفقر يتفشى في البلدان الفقيرة، وطلبة أميركيون يتأخرون في التحصيل، والحرب في أوكرانيا تخلق لاجئين يائسين... ولكن الخبر السار هو أننا قادرون على تخفيف المعاناة من خلال تبرعات بسيطة. ففي موسم الأعياد الحالي، وبدلاً من إهداء قريبتك أو قريبك وشاحاً آخر أو ربطة عنق أخرى ينتهي بها المطاف في خزانة الملابس منسية غير مستخدَمة، ما رأيك في القيام بمساهمات مالية باسمهما لمساعدة أطفال يعانون الفاقة والعوز؟

لقد حان وقت دليلي السنوي لتبرعات موسم الأعياد الذي جرت العادة أن أقترح فيه منظمات غير ربحية تقوم بعمل خيري رائع. وكما في الماضي، ستحصل المنظمة التي سأختارها على 100 ألف دولار من إحدى المؤسسات، بينما ستحصل كل منظمة تحل في المركز الثاني على مبلغ 25 ألف دولار. هذه المنظمات ستستفيد أكثر من المبالغ المالية الأكبر التي آمل أن تساهموا جميعاً فيها. ويمكنكم التبرع بسهولة من خلال موقع «جائزة كريستوف» على الإنترنت، وفي ما يلي الأشياء التي ستحققها المبالغ التي سيتم جمعها: مساعدة الأسر التي تعاني الجوع على إطعام نفسها.

الفائز بجائزتي الكبرى هي منظمة «صندوق فدان واحد»، التي تعمل مع مزارعين فقراء في كينيا ورواندا وإثيوبيا وبوروندي وبلدان أخرى لتقوية المحاصيل. لقد آلمتني كثيراً ذكريات أطفال يموتون جوعاً التقيتهم – طفل يموت كل 14 ثانية في مكان ما من العالم جراء أسباب مرتبطة بالجوع – والحل الأمثل لا يكمن في الإسراع في إرسال مساعدات أميركية وإنما في مساعدة العائلات الزراعية على زيادة إنتاجها ومساعدة نفسها.

والواقع أنه من الصعب جداً أن تكونَ مزارعاً أفريقياً، ذلك أن بعض البذور والأسمدة التي تباع في السوق مزيفة، والمناخ يتغير، وملكية الأراضي صعبة جداً وفي غير المتناول، والقروض البنكية من المستحيل الحصول عليها، ثم أين يمكنك تخزين محصولك بعد الحصاد للحصول على أفضل سعر؟ منظمة «صندوق فدان واحد» تساعد المزارعين الصغار- ومعظمهم من النساء- على زيادة إنتاجيتهم من خلال تقنيات محسَّنة، وبذور عالية الجودة، وأسمدة فعّالة. وبفضل هذه المساعدة، تزيد كل عائلة إنتاجها بـ45% في المتوسط – وهو ما يكفي عادة للتصدي لسوء التغذية، ودفع الرسوم المدرسية، وعيش حياة أفضل.

المنظمة غير الربحية استلهمت الفكرة من امرأتين تزرعان قطعتين متجاورتين في كينيا. فقد كان آندرو يون، وهو مستشار أميركي في التدبير، يزور المنطقة فرأى أن امرأة كانت تكافح وفقدت طفلاً لها، في حين استطاعت المرأة الأخرى تحقيق محصول يعادل أربعة أضعاف إنتاج المرأة الأولى وتمكنت من تأمين قوت أطفالها وإرسالهم إلى المدرسة. ووجد يون أن الممارسات الزراعية هي المسؤولة عن هذا الاختلاف، فساهم في تأسيس «صندوق فدان واحد» في 2006 كمنظمة غير ربحية تساعد 38 أسرة فقط في البداية. وقد حقق المشاركون في برنامج المنظمة زيادات كبيرة في الإنتاج، فتوسع «صندوق فدان واحد»، والآن، بات الصندوق يدعم 1.4 مليون أسرة في 9 بلدان.

وشخصياً، يعجبني تركيز المنظمة على البيانات والتقييم الصارم، بما في ذلك استخدام «التجارب العشوائية المضبوطة» للتحقق من تأثير البرنامج. توفير نظارات للأطفال. حوالي ربع الطلاب الأميركيين يحتاجون إلى نظارات، وفي الأُسر المتوسطة يحصل هؤلاء الأطفال على نظارات في العادة. ولكنك إذا نظرتَ في محيط مدرسة في منطقة متوسطة الدخل، ستجد أن قلة قليلة فقط من الأطفال ترتدي نظارات.

وتلك هي المشكلة التي تسعى منظمة «نظر للتعلم» للتصدي لها على نحو بطولي وغير مكلف. ومنذ تأسيسها في 2012، أهدت المنظمة نظارات طبية لنحو 330 ألف طفل في 15 ولاية أميركية ومقاطعة كولومبيا، مساهمة في قلب حياتهم رأساً على عقب نحو الأفضل. أوستن بوتنر، رجل تعليم شغل لفترة من الفترات منصب المدير التنفيذي لمدارس لوس أنجلوس، أسس منظمة «نظر للتعلم» لأنه لاحظ أنه حينما لا يستطيع الأطفال رؤية السبورة بسهولة، يصبحون عصبيين ثم يوصمون بالتشويش والشغب أو يوصفون بأنهم متأخرون في التحصيل. وحين يعجزون عن القراءة بشكل جيد، يواجهون مشاكل في المدرسة ويميلون إلى الانقطاع عن الدراسة. قم برعاية لاجئ. آلاف الأوكرانيين والفنزويليين وغيرهم ممن يفرون من القنابل أو القمع يحتاجون للمساعدة من أجل إعادة توطينهم في الولايات المتحدة و«ويلكوم.يو إس» تسهِّل على مجموعة من الأميركيين توفير تلك المساعدة. المنظمة الراعية يمكن أن تكون ناديا للكتب أو جمعية خدمية أو منظمة لقدماء المحاربين أو مجرد مجموعة من الأصدقاء، وهي تقوم على النموذج الكندي الناجح جداً لرعاية اللاجئين.

وشخصياً، أنظر إلى الرعاية باعتبارها طريقة ليس لمساعدة أسر اللاجئين فحسب، ولكن أيضاً لتأكيد تعاطفنا معهم في عالم وحشي. في مثل هذا الخريف قبل سبعين عاماً، رعت مجموعة من الأميركيين في بورتلند، ولاية أوريغون، والدي، الذي كان لاجئ حرب عالمية ثانية بلا دولة حينها.

وبفضل تلك الرعاية استطاع القدوم إلى أميركا. والأكيد أن مساعدتهم لم تحل أزمة اللاجئين في العالم، ولكن بالنسبة لعائلتنا كان لذاك الكرم دور كبير في تغيير حياتنا. وهذا هو ما نستطيع جميعا فعله: تغيير حيوات الناس، واحدة تلو الأخرى. وعليه، لنفكر جميعاً في دعم هذه المنظمات.

*كاتب وصحفي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/11/26/opinion/charity-holiday-gift-one-acre-fund.html