حققت دولة الإمارات العربية المتحدة على مدار العقود الماضية العديد من الإنجازات في مختلف المجالات ومن ضمنها قطاع التعليم بشقيه، العام والعالي، الذي شهد نهضة قوية. ولا تلبث وزارة التربية والتعليم من آن لآخر أن تعلن عن استراتيجية وخطط جديدة لتطوير حقل التعليم ليتواكب مع تطور مجتمع الإمارات من ناحية والمتغيرات العالمية في سوق العمل من ناحية أخرى.

والمتصفح للموقع الإلكتروني للوزارة يلحظ أن رسالة الوزارة هي «بناء وإدارة نظام تعليمي ابتكاري لمجتمع معرفي ذي تنافسية عالمية يشمل كافة المراحل العمرية ويلبي احتياجات سوق العمل المستقبلية، وذلك من خلال ضمان جودة مخرجات وزارة التربية والتعليم وتقديم خدمات متميزة للمتعاملين الداخليين والخارجيين».

كما نجد الأهداف الاستراتيجية للوزارة تتضمن العديد من المحاور الخاصة بالطالب وبيئة التعليم والمُعلم ومنها ضمان تعليم متكافئ بما في ذلك التعليم ما قبل المدرسة، وتحقيق كفاءة متميزة للهيئات القيادية والتعليمية، وضمان بيئات تعليمية آمنة وداعمة ومحفزة للتعلم، واستقطاب وتأهيل الطلبة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي داخل الدولة وخارجها بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، وتعزيز قدرات البحث العلمي والابتكار وفق معايير تنافسية عالمية.

التعليم العالي ليس هو المصدر الوحيد لسد احتياجات سوق العمل من المواطنين، وتجارب العديد من دول العالم أفضل برهان على ذلك.

وفي الوقت نفسه، نجد أن خطة اقتصاد الخمسين التي أعلنتها سابقاً حكومة الإمارات تقوم على خمسة محاور رئيسية تشكل مستقبل اقتصاد الدولة خلال العقد المقبل، وهي: الاقتصاد التكاملي، وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والسياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر ومضاعفة الصادرات، واستقطاب، واستبقاء المواهب، والكفاءات.

وفي حال الربط بين تلك المحاور الاستراتيجية وبين رسالة وزارة التربية والتعليم، نجد أن هناك علاقة «نظرية» بين الطرفين تفترض أن تقوم الوزارة خلالها بمراعاة قطاع التعليم المهني عند الحديث عن «نظام تعليمي ابتكاري لمجتمع معرفي ذي تنافسية عالمية يشمل كافة المراحل العمرية ويلبي احتياجات سوق العمل المستقبلية»، لكن لا يوجد أي هدف خاص بتطوير التعليم المهني وربط مخرجاته بسوق العمل بأسلوب واقعي يراعي البنية السكانية لمواطني دولة الإمارات.

ونحن لسنا بحاجة هنا للتنويه بجهود ومخرجات جهات رائدة في التعليم المهني ومن أبرزها معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني وأكاديمية أدنوك الفنية، كما لسنا بحاجة إلى ذكر الجهات الوطنية الرائدة على مستوى العالم والتي تستفيد مباشرة من التعليم المهني وفي مقدمتها شركة «ستراتا»، وشركة «الإمارات العالمية للألومنيوم»، وشركة «دبي للألومنيوم المحدودة – دوبال» وغيرهما.

لقد أضحى قطاع التعليم المهني لا يقل أهمية استراتيجية لمجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك ليس تقليلاً من أهمية التعليم العالي، ولكن واقع الحال في المجتمع أصبح يملي علينا ضرورة وضع أهداف استراتيجية خاصة بذلك القطاع من قبل وزارة التربية والتعليم، وتسخير المزيد من الجهود وخطط التطوير لضمان أن يكون الرافد الموازي لدخول المواطن بنجاح إلى سوق العمل.

د.عبدالله محمد الشيبة*

* باحث إماراتي