في تاريخ الدول كلما كانت العلاقات عميقة ومتجذرة، صاحبتها نتائج ناضجة ومؤثرة. وهذا ما يحققه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، من خلال زيارته إلى سلطنة عُمان الشقيقة.

وتجسيداً لهذا النهج، قال سموه معبِّراً عن خصوصية العلاقات الإماراتية العُمانية وعن عمقها التاريخي: «الإمارات وعُمان أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخاً وقوة ومحبة».

وتحمل هذه المقولةُ عبق التاريخ الممتد وتنبع من إرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما قام بأول زيارة للسلطنة في عام 1968، وكان من حصاد هذه الزيارة تأسيس اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين في عام 1991.

وعلى امتداد أكثر من خمسة عقود، مثّلت العلاقات الإماراتية العُمانية نموذجاً يحتذى به في تطوير العلاقات بين الأشقاء، سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وخلال السنوات الماضية، أظهرت القيادةُ الحكيمة في البلدين الشقيقين الإرادةَ القويةَ، وقدّمت الدعم المتواصل لدفع العلاقات وتعميقها وترسيخها على مختلف المستويات نحو آفاق رحبة تضعها في مرتبة العلاقات الخاصة والمتميزة في جميع الميادين، الأمر الذي عكسه مستوى من التميز والرقي قلما تتصف به العلاقات بين الدول.

اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين الإمارات وعُمان، انطلاقاً من رغبة كلا البلدين في تطوير وتعزيز التعاون الفعال وتعظيم المصالح المتبادلة والمشتركة في مختلف المجالات، بدأت أولى اجتماعاتها في نوفمبر عام 1991، وشمل اهتمامها مجالات التعاون التالية: الربط الآلي عبر المنافذ البرية، النقل البري للركاب والبضائع، أسواق المال، حماية المستهلك، حماية البيئة البحرية، الربط الكهربائي، الطيران المدني، والخدمة المدنية، الدفاع المدني.. علاوة على المجالين التربوي والصحي.

و قد عبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن عمق هذه العلاقة الأخوية ذات الجذور الراسخة في قلوب الشعبين بقوله: «عُمان منّا ونحن منهم، إخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا، وعلاقات ممتدة نفخر بها وترسخها شعوبنا كل يوم».

ما يجمعنا مع عُمان ليس مجرد عقود من العلاقات الرسمية فحسب، بل إن بيننا محيطاً من الحضارة ضارباً في التاريخ.

فقد كنا جزءاً أساسياً من دولة اليعاربة التي حكمت المحيطات قبل البحار والأنهار، فجابت أساطيلها البحريةُ قارات الدنيا، وحكمت في البر وفي البحر، وكانت دواوين سلاطينها تُعقد على متن الأساطيل البحرية وليس في قصور على اليابسة.. لذا سماها بعض المؤرخين «إمبراطورية اليعاربة»، وقد نافست في زمنها الإمبراطورية البريطانية والمملكة الفرنسية في مواطن نفوذهما، وقد أدارت سياسة التوازنات الجيوسياسية في المنطقة وفق ميزان المصالح المشتركة مع القوتين العظميين في وقتهما، أي بريطانيا وفرنسا.

وهو البعد الذي امتد إلى فترة إمارات الساحل المتصالح، وحتى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ثم في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث وصلت متانةُ العلاقة الإماراتية العُمانية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومن خلال زيارته الحالية للسلطنة، يتمم مسيرةَ العلاقات الأخوية المباركة، تأكيداً على ماض عريق وتليد وحاضر رشيد ومستقبل واعد ومشرق.

*كاتب إماراتي