ينص أحد القرارات الصادرة نهاية شهر مايو العام الماضي عن جمعية الصحة الدولية، الهيئة الأعلى بين منظمات الأمم المتحدة المعنية بالصحة العامة، على تكليف منظمة الصحة العالمية بتفعيل الاستراتيجية الدولية لصحة الفم، وتحويلها إلى خطة عمل بحلول 2023، بما في ذلك وضع إطار لمتابعة مستوى الإنجاز على صعيد الأهداف القياسية المرجو تحقيقها بحلول 2030. ويفترض أيضا أن تتوافق خطة العمل لصحة الفم هذه، مع خطة العمل العالمية للوقاية من والتحكم في الأمراض غير المعدية (Global Action Plan for the Prevention and Control of Noncommunicable Diseases 2013–2030).
وبناء عليه، أعدت منظمة الصحة العالمية، مسودة أولية، طرحت للمناقشة منذ الثاني عشر من الشهر الجاري وحتى السادس عشر من الشهر القادم، من قبل الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، وباقي منظمات الأمم المتحدة، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمنظمات الخيرية العاملة في مجال الصحة الدولية، والمراكز العلمية والأكاديمية.

وتأتي هذه التوجهات من قبل هذه المنظمات والمؤسسات والجهات الدولية، في وقت تشير فيه التقديرات إلى أن أمراض الفم تصيب حوالي 3.5 مليار شخص، ورغم أن هذه الطائفة من الأمراض يمكن الوقاية منها لحد كبير، إلا أنها تشكل عبئاً صحياً كبير على العديد من الدول، يرزح تحته الكثيرون طيلة حياتهم، مسببة لهم آلام، وإزعاج، وتشوه، وربما حتى قد تتسبب في وفاتهم. فعلى حسب العبء المرضي العالمي لعام 2019، يعتبر تسوس الأسنان هو أكثر أمراض الفم انتشارا، حيث يقدر إصابة 2 مليار من البالغين بتسوس الأسنان الدائمة، وإصابة 520 مليون من الأطفال بتسوس الأسنان اللبنية.

وبخلاف تسوس الأسنان، يقدر أن 14% من البالغين، يعانون من أمراض اللثة الشديدة، وهو ما يعادل أكثر من مليار شخص حاليا. وهناك أيضا الأمراض السرطانية التي تصيب الأجزاء المختلفة من الفم، بما في ذلك الشفتين، واللسان، والحلق، والبلعوم، ويقدر أنها تصيب 4 من بين كل 100 ألف، مع تباين واضح في معدلات الإصابة بين الدول المختلفة، وإن كانت هذه المعدلات تزداد بين كبار السن، والذكور، وتتباين حسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية.

ومما يزيد الموقف سوءا، أن علاج هذه الأمراض، باهظ التكلفة، وغالبا لا يندرج ضمن نظم الرعاية الصحية التي توفر الخدمات الطبية لجميع أفراد المجتمع. وهو ما يتجسد في حقيقة أن غالبية الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، لا توفر خدمات الوقاية وعلاج أمراض الفم. وتنتج أمراض الفم والأسنان من عدة عوامل خطر يمكن التحكم فيها وتجنبها، بما في ذلك فرط استهلاك السكريات، واستخدام منتجات التبغ بأشكالها المختلفة، وشرب الكحوليات، وعدم العناية بنظافة الأسنان، بالإضافة إلى ما يعرف بالمحددات الاجتماعية والاقتصادية لصحة الفرد.

* كاتب متخصص في الشؤون العلمية