لا زلت أتذكر جيداً ما كان عليه المغني الشهير الراحل مايكل جاكسون، حينما استضافته «أوبرا وينفري» في برنامجها الأشهر حول العالم، سألته بكل لطف ومودة عن السبب الذي جعله يلجأ لعمليات التجميل، ويقوم بتحويل لون بشرته السوداء إلى اللون الأبيض، تحدث مايكل من قلبه وكان ذلك يبدو واضحاً وجلياً، أنه كان بالفعل يكره لونه «الأسود».

لم تصدق سيدة المايكرفون أو ربما ترددت في ذلك، فقامت بعرض صور للراحل بلونه الطبيعي، وفجأة تحول جاكسون إلى أشبه بطفل صغير وكأنه ضاع في طريق لا يعرفه ولا يعرف سكانه، وأخذ في البكاء والنحيب، طالباً من المذيعة القديرة أن تزيل جميع صوره القديمة حينما كانت بشرته داكنة، قبل أن يتحول عبر الإبر والأدوية إلى اللون الذي أراد أن يكون.

لقد غطى وجهه بكفيه ولم يتوقف عن البكاء، وكان الحدث مدهشاً لكل معجبي الفنان الذين لم يعتقدوا حقيقة أنه يرفض فكرة أن يكون شاباً ذي بشرة داكنة، مصيبة أن ترى بعينيك كيف أن مطربك الأفضل والأهم والأكثر شهرة عالمياً، يعيش حالة من عدم توافقه النفسي تحديداً نحو شكله الخارجي، ابتداءً من لون بشرته حتى أنفه، لذا لم يتوانى أن يقوم بعدد من العمليات لأنفه ليصبح صغيراً، ليعطي لطافة كبيرة وجاذبية للفنان الراحل.

لازلت لا أصدق ما يحدث في دول الغرب، وهو أمر مثير للتندر أكثر من كونه قضية، فلا يزال أصحاب البشرة الداكنة يقتلون من قبل ذوي البشرة البيضاء، وتُلفق لهم تهماً باطلة، ويُطردون من البقالات والمطاعم، كل ذلك بسبب لون البشرة.

كمية التناقض والخوف والتنمر لا تُصدق من قبل ذوي البشرة البيضاء تجاه أصحاب اللون الأسود، ففي كل قضية يطرحها الإعلام عن العنصرية المقيتة، يجعلك تشعر باستغراب شديد، إذ وصلت العنصرية لأبواب الفنون، فقاطع العديد من الفنانين عددا من المهرجانات الشهيرة، لأن الجوائز لا تذهب لذوي البشرة السوداء، إنما معظمها يحصل عليه ذوو البشرة البيضاء.

ومن المغني الأكثر شهرة في العالم، الذي رحل عن عالمنا عام 2009، إلى التلاعن والتلاسن بين الفنانين ومنظمي المهرجانات الدولية، إلى خبر ظهر عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، حينما ظهر فيديو تم تصويره من قبل أحدهم، حينما كان الأطفال بشتى أشكالهم المختلفة وصورهم المعتادة في انتظار دورهم لتحية الدمى، في الفعاليات التي أقيمت خصيصاً للأطفال. الغريب في الفيديو أن دمية «سمسم» قامت بمد يدها إلى ذوي البشرة البيضاء وصافحتهم، في حين أنها رفضت مصافحة الطفلتين من ذوات البشرة السمراء في ولاية بنسلفانيا، مما أثار موجة غضب وجدل واسعة في أميركا، الأمر الذي دفع الشركة إلى تقديم اعتذارها عن الواقعة.

ولكن هل سيكتفي والدا الطفلتين بالاعتذار فقط، أم في طلب دخول الدمية «روزيتا» وهذا هو اسمها، إلى برنامج تأهيلي يوضح لها أن ما فعلته يدل على أنها بحاجة إلى علاج فكري ونفسي، لم يعد الآخرون وتحديداً خارج الولايات المتحدة، يتحاربون بالسيوف والقنابل بسبب لون البشرة؟ إنه أمر غريب ومزعج للغاية.

* كاتبة وروائية سعودية