توجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، في أول زيارة رسمية له لدولة أوروبية بعد توليه الرئاسة إلى العاصمة الفرنسية باريس بدعوة كريمة من فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقبلها بأيام كان سموه قد تلقى دعوة رسمية من الرئيس بايدن رئيس الولايات المتحدة الأميركية لزيارة واشنطن لرغبة الرئيس الأميركي- كما أشار- في قضاء وقت أكبر مع الرئيس الإماراتي لمناقشة القضايا المحورية في العالم وليس المنطقة فقط، وذلك أعترافاً بما يمثله رئيس دولة الإمارات كقائد قوي ومؤثر في المنطقة والعالم ككل.

ودولة الإمارات كدولة تختصر المسافات لتتصدر المراكز الأولى في جميع المؤشرات التنافسية العالمية بعد أن صنعت لنفسها مكاناً ضمن اللاعبين المؤثرين في إدارة التعايش السلمي ونشر السلام وتقريب وجهات النظر وإدارة الملفات العالقة على الساحة الدولية.

بحث سموه خلال الزيارة مع الرئيس الفرنسي علاقات الصداقة وآفاق التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات وخاصة في مجالات الطاقة المستقبلية وتغير المناخ والتكنولوجيا المتقدمة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في قطاعات التعليم، الثقافة والفضاء في ضوء الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع الإمارات وفرنسا والقضايا والمستجدات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات مميزة مع فرنسا في عدد من المجالات الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية والطاقة.

والإمارات العربية المتحدة هي ثالث أكبر دولة من حيث التبادل التجاري مع فرنسا بعد المملكة المتحدة وسنغافورة، وتستضيف الإمارات معظم الشركات الفرنسية في الشرق الأوسط، والتي يبلغ عددها 600 شركة توظف 30 ألف شخص، ويزداد عددها سنوياً بنسبة 10 بالمائة وتحتل الإمارات المرتبة 35 في قائمة المستثمرين الأجانب في فرنسا وتستضيف أكبر جالية فرنسية في منطقة الخليج. وكان انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة إلى المنظمة الدولية للفرانكوفونية كعضو مراقب، أمراً معززاً للتعاون بين البلدين في الثقافة والتعليم والتنمية الاقتصادية.

ويشهد المجال الثقافي والأكاديمي تعاوناً بين الإمارات وفرنسا، حيث تستضيف فرع جامعة السوربون الشهيرة كأول فرع لها خارج فرنسا، والإمارات كذلك تستضيف أول فرع عالمي لمتحف اللوفر في العاصمة أبوظبي، والتعاون بين الدولتين يشمل الاقتصاد والتجارة والاستثمار، النفط والغاز، الهيدروجين منزوع الكربون، الطاقة النووية والمتجددة، تغير المناخ، التعليم، الثقافة، الصحة، الذكاء الاصطناعي، سلامة الغذاء، التكنولوجيا المالية، حقوق الملكية الفكرية، مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أمن الفضاء والأمن السيبراني.

وبدورها تعد الإمارات، ثالث أكبر منتج للنفط في «أوبك»، وهناك احتياج فرنسي استراتيجي لتخفيف تأثير التدخل الروسي في أوكرانيا وتأثيره على أسعار الطاقة العالمية، وبالتالي تعزز فرنسا مصالحها الاستراتيجية بالشراكة الوثيقة مع الإمارات، خاصة في توفير الغاز لفرنسا، وهي شراكة سوف تتطور في شتى القطاعات بصورة غير مسبوقة في السنوات القادمة بفضل الرؤية الحكيمة للقائدين تجاه التعاون والصداقة، وهو ما يُعد قيمة مضافة للبلدين على المدى القريب والمتوسط والطويل.

* كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.