رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التي بثها مؤخراً وصلت لقلب كل إماراتي بأقصر الطرق، وهي التي تؤكد وترسخ عمق العلاقة القائمة بين القائد والشعب، وتبرهن على إصراره على ترجمة أقواله إلى أفعال. أكثر ما استوقفني قول سموه (نحن محظوظون بشعب الإمارات).

من النادر جداً أن قائداً يقول تلك العبارة وهو مؤمن بها أشد الإيمان، وعادة لا يقلها عن قناعة تامة إلا الشخص الذي يحمل صفات وأخلاق الفرسان، ليكرس سموه بقوله هذا ما كان قد قاله وفعله الوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان. إن القائد الاستثنائي محترم ومقدّر عند شعبه، وهو كذلك عند كثيرين، وحتى بنظر عدوه، وهذه حقيقة يشهد بها التاريخ.

ليسوا فقط أبناء الإمارات هم وحدهم الذين اتفقوا على حب الشيخ محمد بن زايد صاحب العين التي تستشرف المستقبل، بل ما ألمسه وأشهده أن المقيمين في الإمارات أيضاً يولونه احترامهم خصوصاً وأنه رفع شعار (شركاء لا أُجراء)، وهي العبارة التي لها وقع خاص وعظيم عند كل من يسمعها لأنها تثبت تقدير سموه لكل من أسهم في بناء الإمارات في الماضي، وكذلك من يسهم في تنميتها ونهضتها حاضراً.

ولأن الوفاء بالوفاء يُقابل، ها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد يقدم عبرة للجميع، بأن لا مكان للغة التمييز والتفرقة في الإمارات، وأن لا شيء يميز فرداً عن آخر إلا العمل والإنجاز والتميز. وفي الإمارات الحديثة المطلوب من الجميع أن يكونوا على قدر ما تحمله مفردة التسامح من معانٍ، وأن نتلاحم كلنا لنكون منسجمين مع دولتنا ورؤيتها.

لم يقتصر حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على ما يرتبط بالداخل فقط، بل ناشد الدول على التمسك بالدبلوماسية، وتعزيز الأمن والسلام، والتمسك بالانفتاح والتعاون والشراكة على المستويَين الإقليمي والعالمي، وذلك يتطلب أحياناً تقريب وجهات النظر بين المختلفين باتباع سياسة الحوار الإيجابي الذي يحقق في النهاية مصالح الشعوب. عديدة هي المواقف التي كانت بصمات الإمارات فيها جلية، ومن بينها المصالحة بين إريتريا وإثيوبيا التي أسفرت عن توقيع اتفاقية سلام بين البلدين أنهت واحدة من أطول المواجهات العسكرية في أفريقيا.

والتهدئة بين باكستان والهند حينما تصاعدت التوترات بينهما، هذا عدا عن المبادرات والمواقف الإماراتية التي تسهم في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، وهو ما تشهد عليه وثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في فبراير 2019.

صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد اليوم ينشد وضع الإمارات في مكانة متقدمة سياسياً، ودبلوماسياً، وثقافياً، وإنسانياً، ومثلما أولت قيادتنا الداخل كامل رعايتها، فهي تولي العلاقة مع دول العالم الاهتمام الكبير أيضاً، ومنهجها هذا ليس جديداً، إنما هو متجدد ويتناسب مع الموقع الذي تصل إليه دولتنا تباعاً، ومع شوط التقدم الذي تقطعه، وستقطعه في العقود التالية، لأن رؤية دولتنا تكمن في بلوغ القمة بمختلف المجالات.

اليوم علينا كإماراتيين – بشكل أساسي – أن نتوقف عند كل كلمة قالها سموه لنتفكر بمعانيها، لأن المطلوب منا ليس الفرح بما وصلنا إليه فقط، بل العمل على إدامته، والبناء فوقه، فبلوغ القمة لن يأتي إلا إذا التففنا من حول قيادتنا، وعملنا بكل ما أوتينا من عزيمة.

عزة الإمارات ورفعتها تتطلب منا أن ننذر أنفسنا لها، نتعلم من معاني الوفاء لها ممن سبقونا، نقدم أخيَر ما عندنا لأبنائنا كي يكون النبت الصالح المثمر، نستلهم معاني العمل والخير والحكمة من عقيدتنا، نكون سنداً لبعضنا البعض، وبصنائعنا وأخلاقنا نقول نحن أبناء الإمارات، الشركاء في محبة الوطن والإنسان.