برنامج الرئيس جو بايدن الطموح، الخاص بمحاربة السرطان، تلقى دفعة كبيرة من إدارة الغذاء والدواء التي أقدمت على إجراءات جريئة استهدفت تقليص التدخين.

ومن الممكن إنقاذ أرواح كثيرة بفضل ثلاثة مقترحات طُرحت في الآونة الأخيرة وهي تقليص النيكوتين في السجائر، ومطالبة شركة «جول Juul» المنتجة للسجائر الإلكترونية بسحب منتجاتها من السوق، وحظر السجائر بنكهة المنتول. وسنوياً، يموت نحو نصف مليون أميركي بسبب أمراض مرتبطة بالتدخين، أي أكثر من العدد الذي يحصده كوفيد-19 في عام.

والتدخين هو السبب الرئيسي لوفيات السرطان، حيث يموت أكثر من 160 ألف شخص كل عام من السرطان الذي يرتبط مباشرة باستهلاك التبغ. وأوضح روبرت كاليف، مفوض إدارة الغذاء والدواء، في مؤتمر في الأيام القليلة الماضية، أن اقتراح الوكالة الاتحادية بتقليص محتوى النيكوتين في السجائر يستند على القدرة الكامنة العالية للغاية لإدمان النيكوتين. ويعتقد كاليف أن إدمان النيكوتين له القوة نفسها التي لإدمان المواد الأفيونية.

وهناك تقارير تشير إلى أن ربع طلاب المدارس الثانوية يدخنون السجائر الإلكترونية. وتعرضت شركة «جول» التي تسيطر على نحو ثلث سوق السجائر الإلكترونية، لانتقادات شديدة لاستهدافها الأطفال، بما في ذلك من خلال الإعلانات على تلفزيوني «كارتون نتوورك» و«نيكلوديون». وتحتوي منتجات الشركة على مستوى مرتفع للغاية من النيكوتين. فعبوة واحدة من منتجات شركة «جول» تحتوى على نيكوتين يعادل الموجود في علبة بها 20 سيجارة عادية. ومثل هذه الكميات من النيكوتين يمكنها أن تضر بنمو دماغ المراهقين.

وبالإضافة إلى هذا، بدأ 90% تقريباً من المدخنين البالغين التدخين قبل سن 18 عاماً. والمثير للقلق هو أن منتجات شركة «جول» لا تُستخدم في المقام الأول في سبيل إقلاع البالغين عن السجائر، بل تستخدم في إيقاع المراهقين في حبائل النيكوتين وتحويلهم إلى مدخنين بالغين. وجاء قرار إدارة الغذاء والدواء الأميركية بحظر معظم عروض شركة «جول» بعد عدم قدرة الشركة على إظهار أن فوائد منتجاتها تفوق الأضرار. واقترحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أيضاً إزالة سجائر المنتول من السوق.

وقد يكون لهذا تأثير عميق أيضاً. ويقدر باحثون أن سجائر المنتول مسؤولة عن 10 ملايين شخص مدمن آخر ونحو عشرة آلاف حالة وفاة كل عام. وفي عام 2017، حظرت كندا المنتول، ووجدت دراسة لاحقة أن أكثر من 20% من مدخني المنتول يقلعون عن التدخين بدلاً من التحول إلى منتجات التبغ الأخرى. مقترحات إدارة الغذاء والدواء الأميركية حظيت بإشادة قوية من جمعية القلب الأميركية، وجمعية الرئة الأميركية ومجموعات صحة عامة أخرى كثيرة.

ويشير براولي- طبيب الأورام والمسؤول الطبي والعلمي البارز السابق لجمعية السرطان الأميركية- إلى أن هذه الجهود التنظيمية ستقلص معدل الوفيات بالسرطان وتقرب التفاوتات. وصرح قائلاً: «إلى حد بعيد، السبب الأكبر للتفاوتات في وفيات السرطان هو التدخين. وحتى التفاوتات حسب العرق مدفوعة بشدة بالتباينات في استخدام التبغ».

وقد تصبح هذه الجهود، في الواقع، هي العامل الأكبر في تحقيق هدف بايدن الطموح المتمثل في تقليص وفيات السرطان إلى النصف خلال 25 عاماً. ويرى كاليف أنه «إذا أردت تقليص وفيات السرطان، فهذا - إذا نجح – سيحقق أكثر مما يحققه أي علاج كيميائي بعينه يمكنك الحديث عنه». والطريق أمامنا ليس سهلاً. فقد أصدر قاض اتحادي أمراً بوقف مؤقت لصالح شركة «جول»، ومن شبه المؤكد أن تتأجل المقترحات الأخرى بسبب دعاوى قضائية. لكن يجب الإشادة بإدارة الغذاء والدواء لاتخاذها إجراءات جريئة قد تحسن صحة الأجيال القادمة.

*أستاذ الصحة العامة بمعهد ميلكن التابع لجامعة جورج واشنطن.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»