هل أسعار الفائدة مرتفعة للغاية أم منخفضة للغاية؟ سؤال بسيط للغاية يتطلب إجابة مباشرة. تكمن المشكلة في أن النظام الذي يربط أداة السياسة الرئيسية للاحتياطي الفيدرالي، أي تحديد أسعار الفائدة، بالأمور التي يريد التأثير عليها في النهاية (التضخم والتوظيف) له العديد من الجوانب. ولا يمكنك الإجابة على السؤال دون فهم السياق.
يحدد بنك الاحتياطي الفيدرالي مساراً لسعر الفائدة في سياسته، والذي (إلى جانب الأشياء التي لا يمكنه السيطرة عليها) يؤثر على تكلفة الائتمان وأسعار الأصول والظروف المالية الأخرى. وتؤثر الظروف المالية المتغيرة (إلى جانب أشياء أخرى لا يستطيع الاحتياطي الفيدرالي التحكم فيها) على الطلب الكلي. ويؤدي تغيير الطلب الكلي (إلى جانب أشياء أخرى لا يستطيع الاحتياطي الفيدرالي التحكم فيها) إلى تشكيل العمالة والتضخم. ومما يجعل الأمور أسوأ، أن هدف الاحتياطي الفيدرالي غامض: فهو يجب أن يوازن (على مدى إطار زمني غير محدد) بين الحد الأقصى للتوظيف واستقرار الأسعار (حيث يتم تحديد «التوازن» و«الحد الأقصى للعمالة» و«استقرار الأسعار» بشكل ضعيف).
من الصعب النظر إلى الوراء والقول، استناداً إلى التجربة، ما إذا كانت سياسة معينة صحيحة أم خاطئة. إن قول ما تبدو عليه السياسة الجيدة في الوقت الفعلي هو أمر أصعب إلى حد كبير، حيث ينطوي على افتراضات مشكوك فيها وأولويات قابلة للجدل في كل نقطة.
والمعايير التي تبسط مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي، وبالتالي تقيد خياراته، لها مكانها، طالما يتم التعامل معها بحكمة. تستنتج القاعدة الكلاسيكية التي اقترحها الخبير الاقتصادي في جامعة ستانفورد، جون تايلور، معدل السياسة الصحيح من خلال موازنة الفجوة بين التضخم الفعلي وهدف بنك الاحتياطي الفيدرالي للتضخم مقابل الفجوة بين الإنتاج الفعلي والإنتاج عند التوظيف الكامل. ولطالما جادل تايلور بأن صيغة من هذا النوع تحقق نتائج أفضل من الاعتماد على تقدير الاحتياطي الفيدرالي. وقد يتبع الاحتياطي الفيدرالي، إذا تُرك لتقديره، قاعدةً من نمط تايلور في معظم الأوقات.
لكن ما ينجح في ظل الظروف العادية ينهار إذا تعرض الاقتصادُ لصدمات هائلة في جانب العرض. تقول القواعد الشبيهة بقاعدة تايلور إن معدل السياسة اليوم منخفض جداً (في حدود 7 نقاط مئوية). ومع ذلك، فإن مجرد رفع أسعار الفائدة بهذا القدر من شأنه أن يؤدي إلى صدمة مالية هائلة، مما يؤدي إلى زيادة فجوة الإنتاج وجعل وصفة سعر الفائدة المنصوص عليها في القاعدة غير ذات صلة. سيتغير الاقتصاد بسرعة كبيرة بحيث يتم الحكم على معدل السياسة الذي تم اعتباره منخفضاً للغاية في أسبوع واحد بأنه مرتفع جداً في الأسبوع التالي.
ومع تنحية قواعد نمط تايلور جانباً، تتنافس مفاهيم مبسطة أخرى لجذب الانتباه. المنافس المفضل مؤخراً هو ما يسمى بسعر الفائدة المحايد، أي معدل السياسة المتوافق مع التوظيف الكامل ومعدل التضخم المستهدف. في الواقع، يشير هذا إلى سعر فائدة مناسب من نمط تايلور بمجرد عودة الاقتصاد تقريباً إلى حيث يريد الاحتياطي الفيدرالي أن يكون.
لكن النقطة المهمة هي أن الاقتصاد ليس حيث يريد الاحتياطي الفيدرالي أن يكون. حتى لو علمنا ما هو المعدل المحايد في هذه الحالة الأخرى من العالم (0.5% من حيث القيمة الحقيقية هو خيار شائع) فإن هذا لن يخبرنا عن أي شيء مفيد حول الوضع الحالي للأشياء.
ومع ذلك، فالإجابة البسيطة مطلوبة دائماً. يمكن للمرء أن يبرز أي عدد من المقاييس الأخرى ويقول: «استخدم هذا للحكم على معدل السياسة». جنباً إلى جنب مع المعدل المحايد الضعيف، أصبحت إجراءات سوق العمل رائجة إلى حد كبير، وهذا أمر مفهوم، لأن التحدي الذي يواجهه بنك الاحتياطي الفيدرالي هو خفض التضخم دون زيادة معدلات البطالة. لذلك يُنصح بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتركيز على معدلات ترك العمل، أو نسبة الوظائف الشاغرة إلى البطالة.
كل هذه المؤشرات وغيرها الكثير تعطي معلومات حول وضع الاقتصاد والمقايضات التي يجب على الاحتياطي الفيدرالي أن يضعها في الاعتبار. ولا شيء منها يوضح ما إذا كانت السياسة صارمة للغاية أم متساهلة للغاية. وبصرف النظر عن العيوب المحددة لكل مؤشر، ينبغي أيضاً أن نأخذ في الاعتبار قانون جودهارت (صاغه الاقتصادي تشارلز جودهارت عند مناقشة السياسة النقدية البريطانية في السبعينيات): «أي انتظام إحصائي مرصود سيميل إلى الانهيار بمجرد الضغط عليه لأغراض التحكم».
إن أفضل نهج هو أن يوجه بنك الاحتياطي الفيدرالي انتباهه وانتباه الآخرين إلى النطاق الأوسع الذي يأمل في التأثير عليه مع التأكيد على حدود سيطرته. ويجب أن يوضح ما يعتقد أن معدل سياسته المتوقع يعني ضمنياً بالنسبة لمسار إجمالي الطلب، ولماذا هذا المسار مناسب. وفقاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي ومتوسط ​​التوقعات الخاصة، فإن المسار المشار إليه لأسعار الفائدة يعني ضمناً تراجع نمو الطلب قليلا، بما يتفق مع التخفيف التدريجي للتضخم، إلى جانب زيادة طفيفة أو معدومة في البطالة.
يجب أن يستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في تذكيرنا بأنه من المحتمل أن تسير الأمور بشكل مختلف بسبب جميع العوامل التي لا يمكنه السيطرة عليها، وإذا كان الأمر كذلك، فستكون هناك حاجة إلى مسار جديد لأسعار الفائدة. لكن مع إدراك هذا، يمكن للمرء أن يتساءل بشكل منطقي، هل المسار الذي يقصده بنك الاحتياطي الفيدرالي للطلب تم تقييمه جيداً؟ تخميني، وهو ما يمكن لأي شخص القيام به هنا، هو أن التقليل السريع للطلب من شأنه أن يساعد في تقليل التضخم بشكل أسرع قليلا دون أن يؤدي إلى تدهور في التوقعات بالنسبة للوظائف. ومع أخذ كل هذه الأمور في الاعتبار، يجب على بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع قليلاً.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»