تذهب الحكمة التقليدية إلى أن حكم الأغلبية في حالة توتر لا مفر منها مع حقوق الأقلية. والعبقرية العظيمة للنظام الأميركي، في ضوء ذلك، تكمن في أنه يقيد ويروض الأغلبية من أجل حقوق الأقليات. ولتحقيق هذه الغاية، يجعل نظامُنا من الصعب للغاية على الأغلبية أن تتحكم في وقت واحد في جميع المؤسسات التي تحتاجها لتنفيذ تفضيلاتها. وقامت حجة عبر تاريخنا مفادها أن هذا غير كاف وأن نظامنا يمكنه، بل ويجب عليه في الواقع، بذل المزيد لكبح جماح الأغلبية. فقد أراد مالك الرقيق والسياسي والمنظر في ولاية كارولينا الجنوبية، جون سي كالهون الذي ربما يكون أشهر مؤيدي هذا الرأي، إعطاء «صوت في الوقت نفسه في وضع أو تنفيذ القوانين أو حق النقض على تنفيذها» لكل «قسم أو مصلحة» في البلاد. وعندها فقط، حسب اعتقاده، ستقيد الأمة خطر حكم الأغلبية.
وكان المؤرخ الفرنسي ألكسيس دي توكفيل أكثر اعتدالا حين كتب يقول إن أكثر ما يكرهه في الحكومة الديمقراطية «كما تم تنظيمها في الولايات المتحدة» هو «قوتها التي لا تقاوم». وتابع بأن أكثر ما يمقته ليس «الحرية القصوى السائدة هناك» بل «الافتقار لضمان ضد طغيان» الأغلبية. لكن ماذا لو كانت هذه الحكمة خاطئة؟ وماذا لو كان هناك مبالغة في التوتر المفترض بين حكم الأغلبية وحقوق الأقليات؟ وماذا لو لم يكن هذا قائماً بالفعل؟ الأمر ليس كما لو أن فكرة هذا التوتر غير سليمة. فمن الناحية النظرية، يضع مفهومُ حكم الأغلبية ذاتُه حقوقَ الأقليات على أرضية خطرة، لأن الحق لا يعود حقاً حين يتعرض لرياح الأغلبيات السياسية المتغيرة. 
ومن الواضح أن الديمقراطية في الولايات المتحدة لم تمض بسلاسة. فمع كل تقدم، حدثت انتكاسة. وفي بعض الأحيان، كما حدث في عصر ديمقراطية الرئيس جاكسون، طالب البعض بالتوسع الديمقراطي للبعض وبتقليص الديمقراطية لآخرين. وكان حق الاقتراع الشامل للرجال البيض يعني غالباً إنهاء حقوق التصويت للسود، أينما وجدت. لكن إذا نظرنا إلى 157 عاماً بعد الحرب الأهلية، أي إلى معظم تجربتنا كدولة خاضعة للدستور، لا يتضح تهديد الديمقراطية وحكم الأغلبية بالفعل لحقوق الأقليات. بل ربما يمكننا القول إن العكس صحيح. فقد شهدت فترة إعادة الإعمار المحاولة الحقيقية الأولى للمساواة بموجب القانون في الجنوب، فضلا عن الجهود المبذولة لبناء مجتمع أكثر مساواة، مع احترام الحقوق الاجتماعية والسياسية للناس العاديين. وأقام العبيد السابقون وحلفاؤهم البيض المدارس وأنشأوا المستشفيات واستمروا في إجراء تحسينات عامة، مثل الطرق والجسور والمؤسسات الخيرية.
لم يكن التهديد لحقوق الأقليات في الجنوب الأميركي خلال فترة ما بعد الحرب قادماً من الديمقراطية أو حكم الأغلبية أو المساواة السياسية، بل كان قادما ثورة مضادة للتراتبية الاجتماعية، بقيادة فلول أرستقراطية الجنوب. لقد استغرق الأمر عقوداً من العنف والاحتيال، بما في ذلك الاغتيالات والمذابح والانتخابات المزورة، حتى تنجح المعارضة الرجعية لإعادة الإعمار. وشهدت الولايات المتحدة موجة من التحول الديمقراطي في بداية القرن العشرين، لا سيما مع اعتماد التعديل التاسع عشر عام 1920 الذي أعطى النساء الحق في التصويت. واكتسب الجمهور العريض نفوذاً أكبر من خلال إصلاحات مثل سحب الثقة من الانتخابات والمبادرات والاستفتاءات. لكن التهديد المباشر لحقوق الأقليات جاء من معارضي مجتمع أكثر انفتاحاً وديمقراطيةً. وبدلا من حماية تلك الأقليات، قامت المؤسسات المناهضة للأغلبية في نظام الولايات المتحدة إما بإعاقة الجهود المبذولة لحمايتهم، كما في قوانين مناهَضة الإعدام خارج نطاق القانون، أو ساعدت السياسيين على استبعادهم، كما في قانون الهجرة لعام 1924. 
ولم يتحرك النظام الأميركي لتوسع أي حماية جدية لحقوق الأقليات وغيرها من المجموعات المستبعدة أو المهمشة، إلا بعد الاندفاع الكبير التالي لإرساء الديمقراطية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، مع حركة الحقوق المدنية. وقد تطلَّب القيام بذلك توسيع الحقوق السياسية وانتصار حكم الأغلبية على مؤسساتنا المناهضة للأغلبية، ومجلس الشيوخ منها على وجه الخصوص. والاعتقاد الراسخ بأن حكم الأغلبية والديمقراطية يهددان حقوق الأقليات يتعارض مباشرةً مع الواقع البسيط المتمثل في أن الحريات الأساسية لجميع الأميركيين، في الولايات المتحدة على الأقل، أصبحت أقوى وأكثر أماناً مع انتشار الحقوق السياسية من أقلية ضيقة إلى أغلبية صريحة كما أصبحت مؤسساتنا أكثر استجابةً لهذه الأغلبية. 
وقدرة الأميركيين النموذجيين على ممارسة حقوقهم هي الآن أكبر مما كانت عليه قبل قرن مضى. وعلى عكس الحكمة التقليدية، أصبحت الولايات المتحدة أكثر حريةً بعد أن أصبحت أكثر ديمقراطية. وعلى الجانب الآخر، كانت حريات جميع الأميركيين في أضعف حالاتها حين كانت الديمقراطية وحكم الأغلبية في أضعف حالاتها. وبعد كل هذا، هناك أقليات تضر مصالحها بالديمقراطية وحكم الأغلبية والمساواة السياسية. لكنهم ليسوا أقليات كما نميل إلى الاعتقاد، بل نخب. فأصحاب الثروة ورؤوس الأموال هم أقلية من نوع ما. وتتعرض «حقوقهم»، في الهيمنة والسيطرة، للتهديد كلما تمكنت الأغلبية من التصرف وفقاً لما تفضله. 
وتحدث عدد من الآباء المؤسسين كثيراً عن هذا أثناء صياغة الدستور، وحقيقةَ أن الأمر استغرق حرباً ضروساً لإنهاء الحماية القانونية للأملاك تضفي مصداقيةً على الرأي القائل بأن هذه هي «حقوق الأقليات» المطلوبة حين يكون حكم الأغلبية مطروحاً. وإذا صح هذا، وكانت هذه هي الحقوق التي وضع نظامُنا للدفاع عنها، تصح الحكمة التقليدية. وبالتالي تمثل الديمقراطية وحكم الأغلبية تهديداً لحقوق الأقليات. وفي هذه الحالة، نحتاج للمزيد من الاثنين. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»