تضمّن تقرير وطني حديث خلاصةً مقلقةً للغاية لم تثر نقاشاً عاماً واسعاً مع أنها كان يفترض أن تؤدي إلى جدل كبير: قرابة 1.3 مليون طالب تركوا المدارس العامة منذ بداية الوباء. فقد شهدت معظم الولايات انخفاضاً في التسجيل لعامين متتاليين. وفي مدينة نيويورك، على سبيل المثال، انخفض التسجيلات من أقسام الروضة إلى الصف الثاني عشر بـ9%. 
وبالنظر على أن صيغ تمويل التعليم في الولايات تعتمد على أعداد الطلاب، فإن انخفاضاً كبيراً في عدد الطلاب سيؤدي إلى انخفاض مقابل في ميزانيات المدارس. فهذا هو قانون العرض والطلب. وإلا فإن الجمهور سيدفع قريباً أجوراً للمعلمين من أجل تعليم قاعات درس نصف فارغة.
والواقع أن الرسالة إلى العاملين في قطاع التربية والتعليم والمسؤولين المنتخَبين واضحة جداً: إن عدداً كبيراً جداً من المدارس العامة تفشل حاليا، والآباء يغادرونها، وهناك حاجة لعمل عاجل وشجاع. غير أن الرد الحكومي الوحيد حتى الآن كان إنفاق مزيد من المال – الذي ذهب الكثير منه إلى الجميع تقريبا ما عدا أطفالنا. 
فمنذ 2020، أرسل الكونجرس 190 مليار دولار إضافية إلى المدارس، جزئياً من أجل مساعدتها على إعادة الفتح بأمان وتفادي عمليات تسريح. غير أنه في العديد من المناطق، قاوم الزعماء النقابيون العودة إلى التعليم الحضوري داخل الأقسام حتى بعد وقت طويل على التأكد من أن الفصول الدراسية باتت آمنة. والحال أن التعليم عن بعد كان كارثة حقيقية عموماً، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن السنة الأولى من الجائحة تركت الطلاب متأخرين بخمسة أشهر في الرياضيات وبأربعة أشهر في القراءة، مع هوة أكبر بالنسبة للمدارس ذات الدخل المنخفض. 
ومن الواضح جدا أن المال ليس التحدي الأكبر الذي يواجه المدارس العامة، إذ تنفق الولايات المتحدة على التعليم العام لكل طالب أكثر من أي بلد آخر تقريبا؛ والكثير من المناطق التعليمية تكافح من أجل إنفاق كل التمويل الفيدرالي الذي تتلقاه. هذا بينما تنفق مناطق أخرى على الرياضة. 
والآن، وبعد أن فرّ الطلاب من المدارس العامة بأرقام قياسية، تدفع الولايات حالياً مالاً أكثر من أجل تعليم عدد أقل من الأطفال. هذا الأمر ربما كان يمكن قبوله لو كان الطلاب يُبدون تحسناً كبيراً؛ ولكننا نقوم بالدفع أكثر نظير الفشل. 
وفي غضون ذلك، سار التسجيل في المدارس النموذجية العامة (public charter schools) في الاتجاه المعاكس، بفضل نجاحها، وذلك رغم أن تمويلها الفدرالي لم يرتفع خلال السنوات الأربع الأخيرة. فمن 2020 إلى 2021، تسجل قرابة 240 ألف طالب جديد في المدارس النموذجية، أي بزيادة سنوية قدرها 7%. وفضلاً عن ذلك، فإن العديد من المدارس النموذجية عبر البلاد لديها قوائم انتظار طويلة، ولا غرو في ذلك. ففي الولايات والمدن التي لديها قوانين محاسبة قوية، تمتلك المدارس النموذجية سجلاً أكاديمياً يتفوق على مدارس المناطق التعليمية من حيث الأداء. كما وجدت دراسة حديثة أجريت على الصعيد الوطني أن المناطق التعليمية التي لديها نسبة أعلى من المدارس النموذجية تسجل نقاطاً أعلى في القراءة والرياضيات إضافة إلى معدلات تخرج أعلى في المتوسط. 
وتعلِّم المدارس النموذجية 7% من طلاب كل المدارس العامة، ولكنها لا تتلقى سوى أقل من 1% من الإنفاق الفدرالي العام على تعليم الروضة–الصف الثاني عشر. وبينما يختار عدد متزايد من الآباء ترك مدارس المناطق التعليمية التقليدية، فإنه لا بد من تصحيح الاختلال وتصويبه في وقت تكافح فيه المدارس النموذجية لتوظيف المعلمين الذين تحتاجهم من أجل خدمة طلابها الذين ما فتئ عددهم يتزايد، غالبا في المناطق ذات الدخل المنخفض. 
إن فكرة السماح بحرمان طلاب المدارس النموذجية العامة من خلفيات غير محظوظة اجتماعياً من معلمين ممتازين حتى نستطيع إرسالهم إلى المدارس التي تعرف انخفاضا في التسجيلات ليس معقولا البتة – إلا إذا أخذنا في عين الاعتبار السياسة. حينها يكون معقولا تماما، لأن الكثير من المسؤولين المنتخَبين يدينون بالفضل لزعماء النقابات الذين يعارضون المدارس النموذجية. 
ومؤخرا، أدى نفوذ النقابات على وزارة التعليم الفيدرالية إلى مقترح شائن يقضي بإقامة عراقيل جديدة في طريق تمويل المدارس النموذجية. والحال أنه بدلا من أن تسهّل على مسؤولي قطاع التعليم فتح مزيد من المدارس النموذجية لتلبية طلب الآباء، اقترحت الوزارة القيام بالعكس. 
وبعد رد فعل رافض بقوة من كلا الحزبين، هناك مؤشرات على أن الوزارة قد تعيد النظر في هذا المقترح. وينبغي على البيت الأبيض أن يشدد على ذلك. بل والذهاب أبعد منه، عبر معاملة طلاب المدارس النموذجية العامة معاملة مماثلة من حيث التمويل، والتشديد على تبني مدارس المناطق التعليمية التقليدية لمعايير المحاسبة التي جعلت المدارس النموذجية تحظى بشعبية واسعة بين الآباء. هذا الأمر قد يدفع بعض الآباء الذين اختاروا تعليم أبنائهم في البيت أو في المدارس الدينية الخاصة إلى إعادة النظر في خياراتهم – والمساعدة على تلافي خفض كبير في التمويل للمدارس التي تعرف انخفاضا في عدد الطلاب. 
وإلا، فإن الإخفاقات المخزية لنظام المدارس العامة ستستمر، مما سيؤذي جيلا آخر من الأطفال الأكثر هشاشة. وتلك نتيجة لا يمكن للأميركيين قبولها، إن كان يراد للولايات المتحدة أن تبقى أقوى اقتصاد في العالم، وأن تحقق تقدما بخصوص مسائل العدالة العرقية. ولا شك أن بيانات التسجيل الجديدة ترسل إشارة قاتمة لا تبعث على الاطمئنان. ولهذا، سيتعين على المدارس التأقلم مع انخفاض عمليات التسجيل، سواء عبر تقليص الحجم أو تحسين المستوى، إذ لا يمكنك خسارة الطلاب والإبقاء على المعلمين. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»