ترسو السفن في مرافئ الموانئ حاملةً الكثير من التفاعلات والتبادلات التجارية والثقافية والأمنية بين الأمم والدول، أما في دول آسيا الوسطى «كازاخستان، أوزبكستان، تركمانستان وطاجيكستان وقرغيزستان» الحبيسة عن البحار، فإن المولد الأكبر للتفاعلات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية يأتي عبر ما تحمل رياح الحراك الاجتماعي والجوار الجغرافي ومدى نجاح الدولة العلمانية.
المحددات الجغرافية، من نافلة القول إن آسيا الوسطى غنية بالموارد الطبيعية كالنفط والغاز وغيرها من المعادن كالذهب واليورانيوم، إلى جانب قطاعات الزراعة المختلفة مع قدراتها البشرية في التنمية، فهي محل للتنافس والتعاون الدولي. بالنظر في الخريطة الجغرافية نجد ثلاث دول في آسيا الوسطى «كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان» تجاور الصين، بينما كازاخستان الوحيدة التي تجاور اتحاد روسيا في حدود برية طويلة، ومشتركةً معها في دول بحر قزوين المغلق مع تركمانستان وإيران وأذربيجان، وتحتضن أكبر أقلية روسية. ومن الأهمية بمكان ذكر بأن الدولة الأكبر في المساحة كازاخستان تجاور جميع دول آسيا الوسطى باستثناء طاجيكستان الأكبر في تعداد السكان، مقابل أوزبكستان التي تجاور جميع دول آسيا الوسطى. 
تتميز دول آسيا الوسطى بأنظمة سياسية علمانية تترك للدين الحضور في الحياة الاجتماعية والعامة، إلا أن هناك هواجس أمنية بين الأنظمة العلمانية ومساحة الديمقراطية وحضور الجماعات الدينية والقومية مع معضلات التنمية. على سبيل المثال، القومية الأوزبكية تملك حضوراً شعبياً في أوزبكستان وفي آسيا الوسطى كأكبر عرقية فهي متواجدة في طاجيكستان وتركمانستان وقرغيزستان وهي أيضاً في أفغانستان، وهذه القومية دفعت إلى التقارب مع تركيا من منظور تاريخي وعرقي وثقافي حيث تجاوز الاستثمار التركي كلا من الصين وروسيا، ولعل استحسان النظام السياسي التركي خفف هواجس دول آسيا الوسطى من أن تركيا قد تلعب دور الأخ الكبير المهيمن، في حين أن طاجيكستان الأقرب للعرق الفارسي تتنافر مع إيران بشكل كبير بسبب اختلاف المذهب السائد وطبيعة النظام السياسي بينهما. 
وتعتبر طاجيكستان أكثر دول آسيا الوسطى تعرضا لإرهاب الجماعات الإسلامية المتشددة حيث شهدت حرباً أهلية بين عامي 1992-1997. وتتشدد دول آسيا الوسطى في تحريم الأحزاب السياسية الإسلامية، على سبيل المثال لا الحصر، صنفت كازاخستان جمعية الإصلاح الكويتية الممول للجامعة الكويتية فيها ضمن المنظمات المحظورة الإرهابية. وهناك مخاوف دولية من تزايد بروز حركات أصولية متشددة في دول آسيا الوسطى العابرة للحدود.
وفي ظل ما تشهده منطقة آسيا الوسطى من مشاريع دولية في سكك الحديد للتجارة وتبادل السلع مع امتدادات الطاقة من قبل بكين وحتى طهران، يمكن أن يصبح ذلك مجالاً لتعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى باكستان، وتطوير أفغانستان عبر خلق قاعدة من خطوط السكك الحديدية وامتدادات الطاقة مرتكزة في أفغانستان المجاورة لثلاث دول من آسيا الوسطى «طاجيكستان، أوزبكستان المجاورة لجميع دول آسيا الوسطى، وتركمانستان»، ويتم ربط هذه القاعدة مع باكستان المطلة على البحر، حيث ترسو مختلف السفن والسلع بكل ما تحمله من التفاعلات والتبادلات التجارية والثقافية والأمنية.

* كاتب ومحلل سياسي