تتوالى الأزمات المختلفة على العالم في السنوات الأخيرة وعلى رأس القائمة: تداعيات التغير المناخي والكوارث المتوقعة والمجاعات وتأثر المحاصيل الزراعية والإنتاجية العالمية، وصعوبة إحداث التوازن بين احتياجات ومتطلبات نمو المجتمعات والحاجة للتخفيف من آثار الكوارث والتعافي منها وإعادة البناء، ومن جانب آخر تتقاطع النزاعات والكوارث الطبيعية مع بعضها البعض، ومع الأزمات التي هي من صنع الإنسان، مما يمكن أن يؤدي إلى تأثير مضاعف في القارة التي أدى فيها تغير المناخ على سبيل المثال إلى زيادة تواتر الجفاف والفيضانات وانتشار الأمراض المعدية.
وأما الأزمة الثانية، والتي يسوّق بشدة أن لديها ارتباطاً وثيقاً بالأولى لدحض أي احتمال آخر وشيطنته ووصفه بعقدة المؤامرة: هي السيل العارم من الأمراض المعدية التي لن تتوقف في الظهور في كل بقاع العالم، وهي حرب عالمية بدأت ولن تنتهي عن قريب وتصاحبها اختناقات في سلاسل التوريد العالمية، ولحين الوصول للهدف النهائي المنشود من تلك الأوبئة والجائحات، وسوق اللقاحات والعلاجات والمنتجات الصحية الذي أصبح البضاعة الرائجة الأولى في العالم، وأغلى من النفط والغاز على الرغم من نسبية الدلائل التي تشير إلى نجاعته التي لا ترتبط بفترة زمنية محددة، كأن يتعامل لقاح معين مع كبح بروتين واحد من 5 بروتينات على سبيل المثال في فيروس معين ومعرفة مصنعّيه بذلك، ويباع على أنه أمل البشرية للخلاص من الجائحة.
وفيما يخصّ الأزمة الثالثة، فالمرشح لها هو: «بعبع» الركود الاقتصادي الذي سيسود العالم بعد وصول الاقتصاد الصيني لذروته، ومن ثم التباطؤ والعد العكسي لاقتصادات العالم وما يصاحب ذلك من ارتفاع في الأسعار وشح في موارد سلاسل الإمداد، وبطالة وصراع على الموارد والممرات المائية والبرية الحيوية، والعقد والحدود الجيوسياسية الأهم في العالم، وعلاقة ذلك بالواردات الغذائية الأساسية التي يعتبر نقصها أزمة عالمية تقود لعدة أزمات داخلية وخارجية. 
الأزمة الرابعة ترتبط بالتوترات السياسية والدبلوماسية والعسكرية: هو الدخول في حقبة حروب التحالفات الدولية والغزو العسكري بين الدول للتعبير عن صراع خلف الدول المباشرة في قلب الصراع، ولن يكون التدخل الروسي هو الأبرز في عام 2022، ولكن هناك مفاجأة أكبر سيواجهها العالم بين القوى العظمى عن طريق الدفاع عن مجالها الحيوي وما تعتبره حقاً تاريخياً لها وجزءاً من أراضيها، وما ستقوم به بعض القوى الإقليمية لكبح جماح قوى أخرى تلوح بالتهديد الوجودي الذي يؤثر على وجودها ككيانات سياسية، وبالتالي التدخل العسكري الجراحي لوقف توسع وطموحات منافسيها في الملفات التي تعتبر أهم أسلحة الدمار الشامل، وما سينتج عن ذلك من تأزم غير مسبوق للموارد الأساسية لعيش البشر والسلام والاستقرار الدولي.
أما الأزمة الخامسة: هي تعذر وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين الأشخاص في العديد من دول العالم بسبب القيود المفروضة، أو النزاعات المسلحة أو العيش في مناطق يتعذر الوصول إليها، وما ينتج عن ذلك من تأثيرات على الهجرة والصراعات الداخلية والنظم السياسية، والانهيار الاقتصادي وتدمير الصحة والتعليم، وأن تصبح تلك المناطق أرضاً خصبة لتجنيد الإرهابيين، وانتشار الأمراض والأوبئة وارتباط الأزمات الاقتصادية والمالية والديون السيادية للدول، وتأثر الاقتصادات المحلية والصرف على حل النزاعات العالمية أو تحقيق الأجندات السياسية الخارجية، وتوجيه المساعدات للداخل سيؤدي لنقص حاد في جهود الإنقاذ الدولية ومساعدة اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتأثر أنظمة إمدادات المياه الصالحة للشرب ومرافق الصرف الصحي، وتوفر الأدوية والكادر الطبي مما ينذر بكوارث إنسانية غير مسبوقة، وسنشهد مستوى فقر تفوق نسبته 90% في الأشهر القادمة من عام 2022 في بعض الدول وبالتالي سيحرم الملايين من الرعاية الأساسية ويخلق خطراً كبيراً لتفشي الأمراض وسوء التغذية والوفيات، وانتشار ذلك لدول الجوار والإقليم كما هو متوقع في دولة مثل أفغانستان، وقائمة من الدول المرشحة أن تعلن كدول فاشلة هذا العام.
* كاتب وباحث إماراتي متخصص في التعايش السلمي وحوار الثقافات.