كلنا نرتكب الأخطاء، لكن العبرة بأن نتعلم من هذه الأخطاء. وعلى مدار العامين الماضيين، ارتكب الجانب اليساري من الطيف السياسي والثقافي بعضاً من هذه الأخطاء. وساهم هذا في طول أمد التوقعات السياسية القاتمة للغاية لـ«الديمقراطيين» إلى انتخابات التجديد النصفي. والأسوأ من ذلك، أصبح من المعقول تماماً الآن أن يفوز دونالد ترامب بإعادة انتخابه في عام 2024. وإذا كان لنا أن نمنع كارثة مثل هذه، فيستحسن أن نتعلم بعض الدروس ذات الصلة. 
ومن هذه الدروس أنه من الممكن تحفيز الاقتصاد أكثر. فقد جادل عدد من التقدميين بشكل مقنع بأن باراك أوباما لم يحقق نجاحاً كافياً لتحفيز الاقتصاد بعد الأزمة المالية. يبدو أن الولايات المتحدة تضخمت الآن أكثر مما ينبغي. فالتضخم عند أعلى مستوى في 40 عاماً. وهبطت الأجور الحقيقية. ويعتقد نحو 70% من الأميركيين أن الاقتصاد في حالة سيئة. وجزء كبير من التضخم ناجم عن قضايا الطاقة وسلسلة التوريد العالمية. لكن مع بلوغ التضخم 8.5%، أصبح التضخم في أميركا أعلى بكثير من أوروبا على سبيل المثال. وبعض الاقتصاديين يعتقدون أن خطة الديمقراطيين للإنقاذ البالغ قيمتها 1.9 تريليون دولار أضافت ما بين نقطتين وأربع نقاط مئوية إلى معدل التضخم في الولايات المتحدة. 

والدرس الثاني هو أن القانون والنظام ليسا مجرد خطاب عنصري لحشد الدعم. صحيح أنه يجب أن تتضمن كل مناقشة للجريمة والشرطة التفاوتات العرقية البشعة التي تتخلل النظام، لكن من الصحيح في الوقت نفسه أن الوظيفة الأولى للحكومة هي إرساء النظام حتى يشعر الناس بالأمان. والديمقراطيون ليس لديهم موقف فعال تجاه الجريمة في وقت تتفاقم فيه الجرائم. ففي مدينة نيويورك، على سبيل المثال، انخفضت معدلات القتل، لكن ارتفع إجمالي الجرائم 37% في مارس مقارنة بالعام السابق، مدعومة بزيادة 59% في سرقة السيارات، وزيادة 48% في السرقة بتهديد السلاح وزيادة 40% في السطو المسلح، كما ارتفعت عمليات إطلاق النار 16%. وأشار استطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب أن 53% من الأميركيين يقولون الآن إنهم قلقون «كثيراً» من الجريمة. 

وثالثاً، يجب عدم إضفاء الطابع السياسي على كل شيء. فقد كان التعليم تقليدياً نقطة قوة للديمقراطيين. فقد توصل استطلاع للرأي أجرته «واشنطن بوست» و«أيه. بي. سي. نيوز» عام 2006 أن ثقة الناخبين بـ«الديمقراطيين» تتفوق بأكثر من 20% على ثقتهم بـ«الجمهوريين» في قيامهم بعمل أفضل لمعالجة التعليم. لكن حين طرح استطلاع «واشنطن بوست» و«أيه. بي. سي. نيوز» سؤالاً عن هذه القضية في نوفمبر الماضي، انخفضت تفوق «الديمقراطيين» إلى ثلاث نقاط فقط. ومن المحتمل أن جانباً من الانخفاض قد يكون ناتجاً عن تفضيل نقابات المعلمين إبقاء المدارس مغلقة أثناء الجائحة، وقد يكون ناجماً عن الهجمات التي يشنها بعض التقدميين على مدارس «ماجنت» وبرامج الموهوبين، وقد يكون ناجماً عن الاعتقاد بأن التقدميين يهتمون بجدول أعمالهم الثقافية أكثر من التعليم الفعلي. ومن المؤكد أن «الجمهوريين» قاموا بتسييس التعليم أيضاً، لكن لسبب ما، فيما يبدو، يجدي هذا مع «الجمهوريين» لكنه لا يجدي مع «الديمقراطيين». 

ورابعاً، أمن الحدود ليس مجرد نقطة نقاش خاصة بـ«الجمهوريين». فخلال إحدى مناظرات الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الحزب «الديمقراطي» عام 2019، أيد جميع المرشحين تقريباً على المسرح فكرة إلغاء تجريم المعابر الحدودية غير المصرح بها. وقد أرسل ذلك إشارة إلى أن الحزب «الديمقراطي» قد تحوّل بشكل كبير إلى اليسار فيما يتعلق بالهجرة. واليوم، يعتقد 59% من الناخبين أن الولايات المتحدة لديها حدود جنوبية مفتوحة «فعلياً». ولم يتحمس جو بايدن قط لإلغاء التجريم، كما فعل كثيرون من خصومه، لكنه لم يتوصل بعد لسياسة تعزز الأهداف التقدمية مع تهدئة مخاوف الناخبين في الولايات الحدودية. فلا يؤيد معالجته لهذه القضية إلا نحو 38% من الناخبين. 
أما الدرس الخامس فهو يتعلق بالملونين. ففي هذه البلاد، يغطي مصطلح الملونين أحياناً على طائفة واسعة من التجارب العرقية. وهذا يساهم في تقديم تصور ​​ساذج عن ظالم ومظلوم، يكون فيه «الجمهوريون» البيض في جانب ويُفترض أن الملونين في الجانب الآخر. وهذا جعل من الصعب توقع المكاسب المثيرة للإعجاب بين ذوي الأصول اللاتينية (الهسبانك) التي حققها ترامب عام 2020. فما زال «الهسبانك» يميلون إلى «الديمقراطيين». وهناك 48% منهم يؤيدون «الديمقراطيين» في مقابل 23% يؤيدون «الجمهوريين» وفقاً لاستطلاع أجرته «أي. سي. آر- ميامي» في الآونة الأخيرة. لكن ميلهم للديمقراطيين ربما يتعرض لضعف. وأشار الاستطلاع ذاته إلى أن هناك عدداً أكبر من «الديمقراطيين» الهسبانك غيروا انتماءاتهم الحزبية العام الماضي مقارنة بـ«الجمهوريين» الهسبانك. وعدد الهسبانك الذين وافقوا على عبارة: «الحزب الديمقراطي اختطفه التقدميون»، أكثر ممن لم يوافقوا عليها. 
والدرس السادس يدور حول العجز في الميزانية. فلجنة الميزانية الاتحادية المسؤولة تتوقع أن تنفق الحكومة ​​545 مليار دولار سنوياً في المتوسط لدفع فوائد الدين القومي في السنوات التسع المقبلة. وإذا ارتفعت أسعار الفائدة بنقطتين مئويتين فوق توقعات مكتب الميزانية في الكونجرس، سيرتفع متوسط ​​تكلفة الفائدة السنوية 375 مليار دولار. ويؤدي هذا العبء إلى مزاحمة في الإنفاق في جميع البرامج الأخرى. 

وأخيراً، تخيل «الديمقراطيون»، عاماً بعد عام، أنهم إذا أعطوا الناس إعانات ومزايا، سيحصلون في المقابل على الأصوات وبالتالي يستطيعون جمع أغلبية مهيمنة. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. لقد دعمت بحماس عدداً من هذه السياسات، لكننا نعيش في عصر لا يقل فيه تأثير قضايا الثقافة والقيم والهوية على السياسة من تأثير مجريات السياسة. وأكبر مشكلة للديمقراطيين هي أننا نعيش عصر الخوف وانعدام الأمن والفوضى على عدة جبهات. فقد اُشتهر «الجمهوريون» تقليدياً بأنهم يمثلون حزب الصرامة والنظام. ويتعين على «الديمقراطيين» تبني موقف صارم من الفوضى وأسباب الاضطراب. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/04/28/opinion/seven-lessons-democrats-need-to-learn-fast.html