بينما تقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الجولة الأولى من الانتخابات يوم الأحد، حيث حصل على ما يقرب من 4 نقاط مئوية أكثر مما حصل عليه في الجولة الأولى في عام 2017، حصلت مارين لوبان، اليمينية المثيرة للمشاكل، على بضع نقاط من نتائجها أكثر من تلك التي حصلت عليها في عام 2017. يشير أداء لوبان، جنباً إلى جنب مع أصوات مرشح اليمين المتشدد إريك زمور (الذي حصل على 7%)، إلى أن أكثر من 30% من الناخبين الفرنسيين أيدوا اليمين المتشدد في الجولة الأولى من التصويت.

في غضون ذلك، خسر يمين الوسط - بقيادة فاليري بيكريس من الحزب الجمهوري - 15 نقطة منذ عام 2017. يجب أن يكون المرء حذراً من المقارنات بين البيئات الانتخابية للبلدان الديمقراطية، حيث إن الظروف الفريدة غالباً ما تلعب دوراً أكبر في قرارات الناخبين، مقارنة بالاتجاهات العامة التي تواجهها جميع الديمقراطيات. على الرغم من ذلك، شعرت العديد من الديمقراطيات الغربية بالتهديد من الأحزاب القومية اليمينية المتطرفة واتساع الفجوة بين الناخبين الريفيين والمتدينين (الذين يفضلون السياسات الرجعية والقومية) والناخبين الأكثر علمانية في المناطق الحضرية (الذين يفضلون العولمة والتقدمية العلمانية).

تبين أن التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وانجراف أوروبا الشرقية نحو الاستبداد كانا مقدمة لحركة (اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) في الولايات المتحدة. أول درس من فرنسا، هو أنه لا يبدو أن المرشحين الوطنيين قد تضرروا من ارتباطهم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى مع انتفاض الناخبين الغربيين ضد الحرب الروسية.

فالناخبون إما لا يعرفون تاريخ لوبان في الإعجاب ببوتين، أو أنهم لا يهتمون بذلك. لا يبدو أنهم يفهمون أن فوز لوبان من شأنه أن يقضي على الجبهة الموحدة للغرب ضد بوتين. يخبرني الباحث في مجال الديمقراطية، ياشا مونك، قائلاً: «في بداية الحرب في أوكرانيا، كان هناك افتراض بأنها ستضر بشكل كبير بالمتشددين الذين كانوا مقربين لفترة طويلة من فلاديمير بوتين». ويضيف: «نجاح لوبان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يظهر أن ذلك كان، للأسف، افتراضاً ساذجاً.

فالكثير من الأوروبيين لا يهتمون». ثانياً، الديماغوجيون (الغوغائيون) اليمينيون لا يذهبون بعيداً عندما يخسرون. في بعض الأحيان، يصبحون أكثر ذكاء. لقد خففت لوبان من خطابها الحاد المناهض للمهاجرين للتركيز على القضايا الاقتصادية، مثل التضخم. قال راديو فرانس 24، «لقد تبنت عروضها سهلة مثل خفض [الضرائب] على الوقود وإعفاء أي شخص يقل عمره عن 30 عاماً من ضريبة الدخل، مما زاد من جاذبيتها أمام جمهور الناخبين من الطبقة العاملة المحبطة من اليسار». في غضون ذلك، «يمكن للراغبين في التأكد من أنها لا تزال متشددة في التعامل مع المهاجرين والمسلمين الرجوع إلى الكتيب».

يتمتع الناخبون بذكريات قصيرة ويمكن أن يعتادوا على المرشحين اليمينيين - حتى المتطرفين منهم. يقول مونك مفسراً: «حتى لو فاز ماكرون بالجولة الثانية، فمن شبه المؤكد أن الهامش بينه وبين لوبان سيكون أضيق بكثير مما كان عليه قبل خمس سنوات. فالطوق الصحي الذي همش اليمين المتطرف في فرنسا يتآكل بسرعة. التصويت للمرشحة لوبان ليس من المحرمات كما كان في الماضي».

ثالثًا، إذا أمضى القادة الوطنيون وقتاً طويلاً في الصراع في أوكرانيا، حتى لو اعتبره الناخبون قضية نبيلة، فقد يتم اتهامهم بتجاهل الاحتياجات اليومية للناخبين. حصل ماكرون على ارتفاع مبدئي في شعبيته في الأسابيع الأولى من الحرب، ولكن في وقت الانتخابات، يريد الناخبون معرفة ما فعله زعيمهم لهم. يجادل مراقبون سياسيون فرنسيون بأن ماكرون حاول استغلال الأزمة العالمية لتقديم نفسه كمدير للأزمات بدلاً من كونه ناشطاً يناضل بشدة.

قد يكون «عدم الانخراط في الصراع» هو أسوأ استراتيجية عند مواجهة المعارضين الشعبويين المتحمسين. أخيراً، لا يمكن للأحزاب المؤيدة للديمقراطية هزيمة القوميين اليمينيين ذوي العقلية الاستبدادية، ما لم تضع جانباً الاختلافات الصغيرة نسبياً من أجل تشكيل تحالفات واسعة. وفقاً لتقرير فرانس 24، يُحسب لماكرون الفضل في أنه أنهى بسرعة موافقات من «مرشح الحزب الشيوعي، فابيان روسيل، والاشتراكية، آن هيدالجو، ويانيك جادوت، من حزب الخضر و... بيكريس»، حيث يخطط هؤلاء القادة «للتصويت له لمنع زعيم اليمين المتطرف [من] تولي السلطة». كان المرشح اليساري المتشدد جان لوك ميلينشون، الذي حصل على 22% في الجولة الأولى، أكثر حذراً. وقال ميلينشون يوم الأحد: «نعرف لمن لن نصوت أبداً».

«لا يجب أن تدعم لوبان». إذا امتنعت هذه الكتلة من الناخبين عن التصويت لأن ماكرون ليس اشتراكياً بما يكفي لإرضائهم، فقد ينتهي بهم الأمر بأن تتولى لوبان الرئاسة. قد لا تنطبق كل هذه العوامل في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الدعم الدائم الذي يتمتع به الرئيس السابق المهزوم دونالد ترامب (إلى جانب الموقف المتواضع لوسائل الإعلام، التي تتعامل مع حزبه كحزب عادي) يجب أن يكون مفهوماً بالنسبة للرئيس جو بايدن وحزبه. ولا يمكنهم تجاهل ارتفاع التضخم والحاجة إلى بناء تحالفات عبر الأيديولوجية. لا ينبغي لأحد أن يتوهم أن عدم الانخراط في المشاكل سيساعد في الدفاع عن الديمقراطية.

جنيفير روبين*

*كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»