بعد عدة مبادرات خليجية وأخرى قدمها عدد من الشخصيات اليمنية للمشاورات حول ضرورة خلق فرصة لحل الصراع وإنهاء الخلافات في اليمن، لبَّى عدد من اليمنيين، من مكونات سياسية وفصائل وأحزاب مختلفة، دعوةَ الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للمشاركة في المشاورات اليمنية - اليمنية في الفترة بين يومي 29 مارس و7 أبريل 2022 في الرياض، تمخضت عن الاتفاق على مجلس قيادة رئاسي، وهو الكيان الذي تعد تسميتُه امتداداً لعدة مجالس مرَّت على اليمن سابقاً، مثل مجلس قيادة ثورة عام 1962، ومجلس القيادة العامة للقوات المسلحة لحركة يونيو 1974، ومجلس الرئاسة للشطر الجنوبي 1969-1978، ثم مجلس رئاسة اليمن الواحد 1990–1994. لم يكن اختتام أعمال المشاورات اليمنية اليمنية اعتيادياً، فقد سبق ذلك إعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تشكيلَ مجلس قيادة رئاسي في اليمن سلَّمه صلاحياتِه، حيث عاد الرئيس هادي باليمنيين إلى نقطة الحل التي بدأ منها رئاسته في عام 2012، عند ما نُقلت إليه بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وحلاً للأزمة في حينه، صلاحياتُ الرئيس السابق علي عبدالله صالح. واليوم تنقل صلاحياته هو إلى «مجلس قيادة رئاسي» برئاسة الدكتور رشاد العليمي، بهدف ردم الخلافات وتوحيد الصفوف في المعسكر الذي يقاتل مليشيات الحوثي في البلاد منذ أكثر من سبع سنوات، والإجماع على الحرب أو السلم ورسم الخطوط الأولية لخريطة طريق يمنية - يمنية تضع حداً لحالة الفرقة والتجاذب في الرؤى والمواقف السياسية، وتنقل البلد الغارق في الحرب والصراع إلى وضع أكثر تماسكاً واتفاقاً، وعلى أمل التوصل إلى صيغة نهائية للحل اليمني الشامل وفق رؤية وطنية يمنية، والبحث عن حلول للانتقال باليمن إلى دولة آمنة ومستقرة، وبالطبع لن يتم ذلك في بلد تحكمه النزاعات والتعددية والفصائل السياسية، إلا بإشراك جميع المكونات السياسية تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي الذي يضم ثمانية أعضاء هم بالإضافة إلى رئيسه رشاد العليمي: سلطان علي العرادة في مأرب، وطارق محمد عبدالله صالح في صنعاء، عبدالرحمن أبو زرعة في لحج، وعبدالله العلیمي باوزیر في شبوة، وعثمان حسين مجلي في صعدة، وعيدروس الزبيدي في الضالع، وفرج البحسني في حضرموت.

الفرصة التي سنحت لليمن اليوم، من خلال مشاورات الرياض الأخيرة وتشكيل المجلس الرئاسي الجديد، فرصة تاريخية سوف تفضي في حال استثمارها بشكل صحيح إلى خلق مشهد سياسي واجتماعي واعد واستعادة الدولة من براثن المشروع التخريبي كي تعود جميع الفصائل إلى السلام التام، وبالتالي تسليم الحوثي أسلحتَه ليكون جزءاً من النسيج الوطني اليمني وللانخراط في مسار السلام، حيث دعت الأطراف اليمنية المشاركة في «مشاورات الرياض» إلى سرعة «الدخول في مفاوضات مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة»، وأكدت على ضرورة إنهاء التفكك والحرب والانخراط في الحل السياسي. ومتى ما أجمعت المكونات اليمنية ووحَّدت صفوفها وكلمتها على نبذ الخلافات ومحاربة العبث بأرض اليمن ومقدراته، فإن ذلك يعد إيذاناً ببدء مرحلة جديدة ليمن جديد ومجلس رئاسي جديد على الأرض يعمل ويجابه العابثين باستقرار البلاد وأمنها، إما سلماً أو حرباً، ويوحد دولتها ويستعيد كرامتها وعاصمتها ويحرر مدنها ومناطقها من أي هيمنة خارجية، بالتنسيق وبالتوافق وتوحيد الصف.

*كاتبة سعودية