تظل معدلات التأييد الشعبي للرئيس الأميركي جو بايدن مؤشراً مقلقاً جداً بالنسبة لفرص «ديمقراطيي» الكونجرس في الانتخابات النصفية المقبلة. ويوجد في وضع هش بشكل خاص بالنسبة للديمقراطيين المعتدلين في الدوائر الانتخابية المتأرجحة الذين حصلوا على أصوات صعبة لحزمة «إعادة البناء بشكل جيد»، لكنهم سرعان ما رأوا مشروع القانون يتعثر في مجلس الشيوخ. 
السيناتورات ومرشحو مجلس الشيوخ الديمقراطيون قد يكون لديهم المال والمكانة لبناء هويات مستقلة عن الرئيس، لكن أعضاء مجلس النواب الأقل تعرضاً للأضواء يعتمدون بشكل كبير على البيت الأبيض في الانتخابات النصفية. وإذا كان الناخبون غاضبين من بايدن، فمن المرجَّح أن يصبّوا ذلك الغضب على أي مرشح محسوب على الحزب الديمقراطي. 
بيد أن بايدن يستطيع مساعدة هؤلاء الديمقراطيين بأربع طرق. أولا؛ يستطيع المغامرة بالذهاب خارج البيت الأبيض أكثر مما فعل حتى الآن. والواقع أنه من المحير أن إدارته أعلنت الأسبوع الماضي إفراجها الدراماتيكي عن جزء كبير من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي من البيت الأبيض. لكن لماذا لم يتحدث مع عمال الطاقة في تكساس أو ينصب منبراً في مكان ما في بنسلفانيا؟ ربما يخشى البيت الأبيض أن يثير حفيظة أنصار البيئة الذين ليسوا سعداء بالاعتماد على الوقود الأحفوري، لكن بايدن حسم قرارَه بشأن هذا الموضوع منذ مدة. ثم إن ذلك قد يفيده، إذ من شأن جولة على مدى يومين أو ثلاثة أيام عبر البلاد، مع تركيز على خفض أسعار الوقود، أن تزيد من حضوره في وسائل الإعلام. 
وثانياً؛ يستطيع البيت الأبيض التخلي عن مقترح «إعادة البناء بشكل جيد». وعوضاً عن ذلك يمكنه اقتراح مشروع قانون لمكافحة التضخم بجزأين فقط هما: تقليص العجز مع فرض ضرائب جديدة على الأغنياء جداً، وخفض أسعار الأدوية (والذي من شأنه أن يخفض أيضاً العجزَ عبر تقليص الإنفاق الحكومي على برنامجي «ميديكير» و«ميديكإيد»). وهذا كل ما في الأمر. كفى من الحديث عن رعاية الأطفال، وتعميم مرحلة ما قبل الروضة، وغير ذلك. وإذا تمكن الديمقراطيون من تحقيق نتيجة جيدة في الانتخابات النصفية، فلا شك أنهم يستطيعون العودةَ إلى هذه المواضيع لاحقاً. 
ثالثا؛ يستطيع بايدن تبنِّي تدابير مكافحة الفساد. وهذا يشمل مقترح القانون الذي تدافع عنه النائبة الديمقراطية أبيغيل سبانبرغر في مجلس النواب، والسيناتوران الديمقراطيان جون أوسوف ومارك كيلي. ثم لماذا لم يتبنَّ البيتُ الأبيض تدابير لتعزيز «قانون هاتش» (الذي يحظر بعض الأنشطة السياسية على العاملين في الجهاز التنفيذي) وتوفير الحماية للمفتشين العامين ضد الفصل بدون سبب والأدوات التي يحتاجونها من أجل القضاء على الاختلالات. فمقترحات القوانين هذه تُعد أساسية بالنسبة للديمقراطية، ومن شأنها أن تُظهر التزام الديمقراطيين بالشفافية. 

وأخيراً؛ يمكن لبايدن أن يفضح نفاق الحزب الجمهوري بخصوص الجريمة وأمن الحدود. فالكونجرس يستطيع سحب مقترحات الإدارة لتمويل إنفاذ القانون وتأمين الحدود وعرضها على أنظار الغرفتين ضمن مقترح قانون جوهري للحفاظ على أمن الأميركيين وسلامتهم. وبايدن لديه تمويل كافٍ لهما ضمن طلب الميزانية، ولكنه سيظل مختفياً بين أولويات الإنفاق الضخمة، ما لم يبذل الديمقراطيون جهداً لإبرازه وتسليط الضوء عليه. 

والواقع أن بايدن يبدو جد مصمم على «السمو فوق الصراعات» لدرجة أنه لا يفعل شيئاً لحماية زملائه الديمقراطيين في الانتخابات النصفية المقبلة. وإذا كان ما يزال يتطلع إلى توافق بين الحزبين، فإنه يعيش في عالم سياسي آخر. 
لا شيء من التوصيات التي أشرتُ إليها آنفاً صعبٌ أو معقدٌ، لكن كل واحدة منها تتطلب من الرئيس أن يكف عن السعي لتهدئة الجمهوريين ويلتزم بجعل الانتخابات النصفية اختياراً بين حزب مسؤول مؤيد للديمقراطية، وحزب ذي عقلية سلطوية خاضع لسطوة رجل نرجسي. بعبارة أخرى، ينبغي على بايدن أن يتصرف الآن كما لو كانت إعادة انتخاب حلفائه في الكونجرس مهمة قدر أهمية إعادة انتخابه. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»