بحضور غالبية دول وحكومات العالم، تشهد مدينة «كونمنج» الصينية الشهر القادم، انعقادَ مؤتمر الأمم المتحدة عن التنوع الحيوي (United Nations Biodiversity Conference). ويهدف القائمون على هذا المؤتمر، وهم من المتخصصين في الحياة البيئية والفطرية، إلى خروج المجتمِعين بخطة طويلة الأمد وواضحة المعالم، لخفض التهديد المتصاعد لأشكال الحياة المختلفة على سطح كوكب الأرض.

ويشير مصطلح التنوع الحيوي إلى منظومات أشكال الحياة المختلفة على الأرض، بما في ذلك الحيوانات، والنباتات، والفطريات، والبكتيريا وغيرها من الكائنات الدقيقة. أشكال الحياة هذه، توفر للإنسان ما يحتاجه للبقاء والحياة، مثل الماء العذب، والطعام، والعقاقير الطبية، وغيرها.

لكن، لا يمكننا الحصول على هذه الاحتياجات من عدد محدود من الأصناف والأنواع فقط، بل نحتاج إلى تنوع واسع وشامل من النباتات والحيوانات التي تتفاعل مع بعضها البعض، ضمن نظام بيئي متوازن ونشط ومستقر، وهو بالتحديد ما يعرف بالتنوع البيولوجي.

ومن الطبيعي أن تتطور جميع أصناف وأنواع الحياة، لتبلغ قمةَ ازدهارها في مرحلة ما، ثم تنقرض بمرور الوقت، وهو ما حدث بالفعل لأكثر من 98% من أشكال الحياة التي ظهرت ثم اختفت من على سطح الكوكب، خلال مئات ملايين السنين.

لكن المشكلة الآن تكمن في أن معدل انقراض أصناف الكائنات الحية حالياً يزيد بألف إلى عشرة آلاف ضعف عن المعدل الطبيعي المتوقع. بمعنى أنه خلال الفترة التي يتوقع أن تنقرض فيها مثلاً عشرة أصناف من أشكال الحياة -طبيعياً- نجد أن ما انقرض بالفعل هو عشرة آلاف صنف، أو حسب بعض التقديرات ربما حتى مئة ألف صنف. هذا الواقع تؤكده «القائمة الحمراء» التي تصدر منذ عام 1964 عن الاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة (IUCN)، وتحتوي على 142 ألف صنف من أشكال الحياة، يقدر الاتحاد الدولي أن 29% منها مهددة بالانقراض، وهو ما يعني أن قدرتها على البقاء والاستمرار تتعرض لخطر داهم وماحق.

وأمام هذا الوضع، يأمل المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة الشهر القادم، اتفاق دول وحكومات العالم على الخروج بخطة طويلة الأمد، توقف ما يطلق عليه العلماء الموجةَ السادسة من الانقراض واسع النطاق، بالإشارة إلى موجات الانقراض الخمس الكبرى السابقة التي تعرضت لها الحياة بأشكالها المختلفة منذ بداية ظهورها على سطح كوكب الأرض.

هذه الخطة، والمعروفة باسم «إطار التنوع الحيوي بعد 2020» (Post-2020 Biodiversity Framework)، تهدف إلى إبطاء تسارع انقراض الكائنات الحية بحلول عام 2030، والتأكيد على أنه بحلول عام 2050، ستثمن شعوب العالم ومجتمعاته وثقافاته قاطبةً التنوعَ الحيويَّ وستعمل على الحفاظ عليه واستعادته بأكبر قدر ممكن، كونه يوفِّر فوائدَ أساسية واحتياجات ضرورية لبقاء واستمرار الجنس البشري.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية