في خطابه الشهير في مسيرة 1963 إلى واشنطن، رسم مارتن لوثر كينج جونيور خطاً مباشراً بين الكفاح من أجل المساواة العرقية وجهود البلاد من أجل تحقيق الديمقراطية، وقال: «عندما كتب مهندسو جمهوريتنا كلمات الدستور وإعلان الاستقلال الرائعة، فإنهم كانوا بذلك يوقعون على سند إذني يرثه كل أميركي».

غير أن البلاد، يقول كينج، خانت ذاك الوعد الذي قدّم للسود «ومن الواضح اليوم أن أميركا تخلفت عن الوفاء بالسند الإذني في ما يتعلق بمواطنيها السود»، محذراً من أن هذا التخلف يعني أن وعد البلاد بأن «كل الناس خلقوا متساوين» يظل «حلماً» لم يتحقق بعد. وبعد زهاء 60 عاماً على ذلك التاريخ، أظهرت «حركة حياة السود مهمة» استمرار التفاوت العرقي في الأمن والتعليم والرعاية الصحية وحقوق التصويت، ما يُبرز مرة أخرى الهوة الواسعة بين القيم الديمقراطية للبلاد وواقعها المعيش.

ومع ذلك، يُظهر البحث الذي أنجزناه أن الأميركيين يظلون منقسمين بشأن ما إن كان انعدام المساواة العرقية مشكلةً؛ إذ على الرغم من أن أغلبيةً من الأميركيين تعترف بأن البيض يتمتعون بامتيازات عرقية وتشعر بالغضب إزاء العنصرية في المجتمع، فإن جزءاً مهماً من الأميركيين يخالف هذا الرأي. هذه الاختلافات تغذّي الصراع الحقيقي والخطير حول بقاء الديمقراطية الأميركية اليوم. ذاك أن الأشخاص الذين ينفون الامتيازات العرقية البيضاء وتفشِّي انعدام المساواة العرقي يشكّكون أيضاً في شرعية انتخابات 2020 الرئاسية، ويعبّرون عن مواقف أكثر إيجابية من هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي، ويبرّئون الرئيس السابق دونالد ترامب من أي مسؤولية عن أعمال الشغب. هذه الأنماط تشير إلى أن الرغبة في الإبقاء على امتيازات البيض –العامل الذي أشار إليه كينج باعتباره مسؤولا إلى حد كبير عن إخفاقات البلاد الديمقراطية– ما زالت تهدِّد سلامة الديمقراطية الأميركية. ومنذ انتخاب ترامب في 2016، وثّق العلماءُ بعنايةٍ العلاقةَ بين المواقف العرقية والدعم للرئيس السابق، ووفّروا أدلة قويةً على أن المواقف السلبية تجاه الأشخاص الملونين ومشاعر العداء تجاه المهاجرين مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالدعم لترامب.

وبالنظر إلى أن ادعاءات ترامب بأن انتخابات 2020 الرئاسية سُرقت منه، تعتمد بشكل كبير على مزاعم عرقية حول غش انتخابي وتلاعب بالانتخابات، فقد اشتبهنا في أن المواقف العرقية ستحدد ملامح انتخابات 2020 وهجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول. وفي دراسة لعيّنة تمثيلية على المستوى الوطني شملت ألف بالغ أميركي خلال الفترة بين 14 و20 يناير الماضي، سألنا مستجوَبين عن آرائهم بشأن العنصرية في المجتمع الأميركي، وخاصة ما إن كانوا يوافقون على أن الأشخاص البيض يتمتعون بامتيازات استناداً إلى لون بشرتهم أو أن المشاكل العرقية هي مشاكل معزولة، وما إن كانوا يشعرون بالغضب بسبب وجود العنصرية. كما سألناهم بشأن تصوراتهم لشرعية انتخابات 2020 الرئاسية وآرائهم في أحداث 6 يناير. وكانت الأنماط التي وجدناها دالةً ومعبّرةً. وعلى سبيل المثال، فرغم أن 58٪ من الأميركيين يوافقون على أن الأشخاص البيض يمتلكون امتيازات، فإن 15٪ منهم قالوا إنهم محايدون، بينما قال 26٪ إنهم لا يوافقون على هذا الرأي.

كما يعتقد 25٪ من الأميركيين أن المشاكل العرقية مجرد حالات معزولة ونادرة، في حين عبّر 15٪ آخرون عن رأي محايد بخصوص هذه المسألة، مقارنة بـ60٪ يقولون إن المشاكل العرقية أكثر شيوعاً. هذه الانقسامات بشأن المساواة العرقية مرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بالتصورات حول انتخابات 2020 الرئاسية وهجوم الكابيتول.

وعلى سبيل المثال، فإنه بين أولئك الذين يوافقون على أن الأشخاص البيض في الولايات المتحدة يمتلكون امتيازات استناداً إلى لون بشرتهم، فإن 87٪ يعتقدون أن فوز جو بايدن شرعي، وبين المحايدين، يعتقد 44٪ أنه شرعي، أما بين أولئك الذين لا يوافقون عليه، فإن 21٪ فقط يعتقدون أنه شرعي. وفضلا عن ذلك، اعتبر 70٪ من الأشخاص الذين وافقوا على أن البيض يتمتعون بامتيازات أحداثَ 6 يناير تمرداً، ووصفها 26 من المحايدين كذلك، و10٪ فقط من غير الموافقين فعلوا ذلك أيضاً، في حين وصفها 80٪ من هذه المجموعة الأخيرة بالاحتجاج.

وإذا كان 70٪ من أولئك الذين يوافقون على أن البيض يتمتعون بامتيازات قد حمّلوا ترامب مسؤولية أحداث 6 يناير، فإن 34٪ فقط من المحايدين فعلوا ذلك، بينما فعله 9٪ فقط من غير الموافقين. هذه الأنماط تكشف أن الجروح التي أشار إليها كينج ما زالت موجودة. ذلك أن أغلبية من الأميركيين تعترف بواقع انعدام المساواة العرقية في المجتمع الأميركي اليوم. غير أن أولئك الذين ينفون وجود انعدام مساواة عرقي هم أيضاً أولئك الأكثر استعداداً لرفض شرعية انتخابات ديمقراطية وتبرير انتهاكات خطيرة للمعايير الديمقراطية. ولهذا السبب، فإن دعم المساواة العرقية وتجديد الديمقراطية الأميركية شيئان متلازمان، كما قال كينج.

جيسي رودز ورايموند لا راخا وتاتيشي نتيتا وألكسندر ثيودوريديس*

*أساتذة العلوم السياسية بجامعة ماساتشوسيتس الأميركية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»