في سبتمبر 1983، كان ستانيسلاف بيتروف ضابطاً برتبة مقدم في الجيش السوفييتي مكلفاً بإدارة مركز يراقب الإنذارات المبكرة التي ترسلها الأقمار الاصطناعية فوق الولايات المتحدة. وخلال إحدى مرات دوامه، انطلقت الإنذارات. فقد أطلق الأميركيون فيما يبدو خمسة صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز مينتمان. وكان هذا في ذروة توتر الحرب الباردة، وبعد أسابيع قليلة من قيام الاتحاد السوفييتي بإسقاط طائرة ركاب كورية جنوبية انحرفت إلى المجال الجوي السوفييتي. وقبل دقائق فقط من الإصابة المتوقعة للصواريخ لأهدافها، كان على بيتروف أن يقرر ما إذا كان ينقل خبر الهجوم المحتمل إلى سلسلة القيادة، مما قد يؤدي بالتالي إلى الرد بضربة انتقامية سريعة. وبعد أن استخدم حدسه وتخمينه بأن ضربة أولى حقيقية ستشمل أكثر من خمسة صواريخ، قرر الإبلاغ عن أن التنبيه سببه عطل، وبالتالي إنذار كاذب. وهو ما كان الأمر عليه. فقد أخطأ القمر الاصطناعي في قراءة ضوء الشمس المنعكس على السحب واعتبرها إطلاق صواريخ. 
وتوفي بتروف عام 2017 ليلقى، كما نأمل، جزاءه عند الرب بما يكافئ إنقاذه ملايين الأرواح. لكن هناك سببان للتفكير في خياراته الآن، في الوقت الذي يحاول فيه الغرب الرد على الهجوم الروسي على أوكرانيا في ظل وجود ترسانة نووية روسية. السبب الأول هو ببساطة تذكير العالم بحسن طالعه في تفادي حرب نووية خلال الحرب الباردة، حين كادت الحروب تقع، ليس فقط في لحظات التصعيد السياسي الشديد كما حدث في أزمة الصواريخ الكوبية، لكن أيضاً خلال العشوائية والصدفة والخطأ. وإذا كان هناك سبيل لحرب نووية في هذا القرن، فقد تحدث على الأرجح نتيجة نوع مماثل من الحوادث الطارئة والمصادفات حين يتدخل الشيطان بطرق لا يمكن التنبؤ بها مسبقاً. 
والأمر يستحق التفكير أيضاً فيما جعل بالضبط موقف «بتروف» مهماً للغاية. فقد كان عليه أن يتخذ قراراً بشأن التصعيد نحو معركة الدمار في موقف يهدد فيه عدم التصعيد بإلحاق الهزيمة بمجتمعه بالكامل. ثم أيضاً يتعين فحص الكيفية التي عثر من خلالها على طريقة للخروج من محنته، معتمداً على أن خمسة صواريخ لن تكون في الواقع ضربة قاضية، في دليل على أن الأقمار الاصطناعية كانت مخطئة، وأيضاً أن مصير البلاد النهائي ليس في يديه. وتبرز تجربته الخاصة مبدأ عاماً في المواجهات بين القوى المسلحة نووياً، ومفاده أن التحكم في نفسك أفضل غالباً من تقييد خيارات عدوك بين دفعه نحو قرار مصيري يختار بين التصعيد والهزيمة. 
الالتزامات الواضحة تتمثل في أننا سنقاتل هنا ولن نقاتل هناك. وهذه هي عملة العالم النووي، لأن الهدف هو تحميل العدو مسؤولية التصعيد، لجعله يشعر بثقلها الكارثي، مع الشعور أيضاً بأنه يمكنه دائماً اختيار مسار آخر. صحيح أن التصعيد غير المتوقع والأهداف القصوى مفيدة غالباً في الحرب التقليدية، لكنها عدو السلام النووي، لأنها تهدد العدو باحتمال غير رابح كاد بتروف يجد نفسه في ذلك اليوم عام 1983. ولهذه الأفكار دلالات كثيرة على استراتيجيتنا الحالية. 
أولاً: توحي هذه الأفكار بأن المرء حتى إذا اعتقد أنه كان يجب على الولايات المتحدة تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا قبل الهجوم الروسي، فبعد أن بدأت الحرب، يجب علينا الالتزام بالدروس التي قدمناها هنا سلفاً. وهذا يعني الموافقة على الدفاع عن أي حليف في الناتو، ودعم أوكرانيا بالأسلحة وبفرض عقوبات على روسيا، ويعني الرفض التام لفرض منطقة حظر طيران أو أي إجراء قد يضطرنا للبدء بالطلقة الأولى ضد الروس. 
وثانياً: وهذه الدروس تعني أنه من الخطير للغاية حديث المسؤولين الأميركيين عن تغيير النظام في موسكو، بالطريقة التي دعا بها السيناتور الجمهوري لينزي جراهام، إلى ظهور «بروتوس» (الذي قتل يوليوس قيصر) أو «شتاوفنبرج» (الضابط الألماني الذي قام بمحاولة انقلاب فاشلة ضد هتلر) لتخليص العالم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فإذا جعلت عدوك المسلح نووياً يعتقد أن استراتيجيتك تقتضي نهاية نظامه (أو حياته ذاتها)، فإنك تدفعه، مرة أخرى، نحو منطقة اللامفر التي كاد يقع فيها المقدم بتروف. 
ثالثاً: هذه الأفكار توحي بأن احتمالات نشوب حرب نووية قد تكون أعلى اليوم مما كانت عليه في الحقبة السوفييتية، لأن روسيا أضعف بكثير. فقد كان لدى الاتحاد السوفييتي ببساطة مساحة أكبر يمكنه التخلي عنها في حرب تقليدية قبل أن تبدو الهزيمة مسألة وجودية، على خلاف إمبراطورية بوتين الأصغر. وهذا قد يكون سبباً وراء إعطاء الاستراتيجية الروسية الحالية الأولوية بشكل متزايد للأسلحة النووية التكتيكية في حالة التقهقر في الحرب التقليدية. 
ولكن إذا كان هذا يجعل وضعنا أكثر خطورة، فيجب أن يمنحنا الثقة أيضاً بأننا لن نحتاج إلى المجازفة النووية الشديدة للتعامل مع بوتين على المدى الطويل. والأصوات التي تجادل بشأن التصعيد الآن لأننا سنضطر إلى قتاله عاجلاً أم آجلاً، يتعين عليها إدراك أن الاحتواء والحروب بالوكالة والتخطيط الدقيق ألحق الهزيمة بالخصم السوفييتي الذي هددت جيوشه باجتياح ألمانيا الغربية وفرنسا، بينما نواجه الآن جيشاً روسياً غارقاً في مستنقع خارج العاصمة الأوكرانية كييف. لقد توخينا الحذر الشديد بشأن التصعيد المباشر مع السوفييت حتى حين قاموا بمهاجمة المجر أو تشيكوسلوفاكيا أو أفغانستان، وجاءت النتيجة انتصاراً في الحرب الباردة دون حرب نووية. وسيكون من الحماقة الخطيرة والوجودية أن نقوم بتصعيد الآن ضد خصم أضعف، تقل احتمالات قدرته على هزيمتنا في نهاية المطاف وبينما تتزايد احتمالات جنوحه نحو التهور الذري إذا حوصر. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/03/05/opinion/russia-nuclear-war.html