قبل عام من الأسبوع الماضي، نصِّب جو بايدن رئيساً لبلاد تقف إزاء مستقبلين ممكنين في مرحلة ما بعد الجائحة: مستقبل أكثر ديناميكية ومستقبل أكثر ركوداً.. مستقبل تؤدي فيه صدمة «كوفيد-19» إلى إخراج المجتمع من عاداته وروتينه، ومستقبل لا يؤدي فيه الوباء إلا إلى تعميق الركود وتكريسه. اليوم يعاني الرئيس من معدلات تأييد شعبي متدنية لأن المستقبل الراكد أخذ ينتصر. فالسيناريوهات الديناميكية أُرجئت أو عُرقلت أو خابت في حين باتت الإمكانيات الأكثر قتامةً تهيمن على واقعنا بشكل متزايد.

وإذا كان 2020 عام أزمة بدا لوقت قصير أنها تفضي إلى مستقبل أميركي أكثر تفاؤلاً، فإن 2021 كان عاماً تميز بلقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال التي كانت مجرد واحدة ضمن قائمة طويلة من العجائب، من تكنولوجيا الطاقة الجديدة إلى أشكال جديدة للتنقل، ومن طول أمد الحياة إلى عصر جديد من استكشاف الفضاء.

وإلى جانب تلك الآمال كان هناك أيضاً أمل في تحولات اجتماعية مهمة. ففي يونيو الماضي، كتب بارون التكنولوجيا مارك أندريسن، الذي انتقد مقالُه واسعُ الانتشار، «حان وقت البناء»، التصلبَ الأميركيَّ في بداية الجائحة، مقالا آخر أكثرَ شراسةً يحتفي بنجاح التكنولوجيا، من اللقاحات إلى اجتماعات زوم، في المعركة ضد «كوفيد-19».

وشدّد بشكل خاص على نجاح العمل عن بعد، مشيداً به باعتباره «تحولا حضارياً دائماً» لديه إمكانية تحطيم تركزات السلطة الجغرافية. لكن مقال أندريسن المتفائل كان قد نُشر تحديداً في الوقت الذي بدأ فيه متحور دلتا في الانتشار عبر الولايات المتحدة بقوة، ومنذ ذلك الحين تعرض سيناريو الديناميكية للتراجع على كل الجبهات تقريباً.

فأولاً، جاءت الزيادة المفاجئة في التضخم، والتي لم تجعل مزيداً من الاستثمار العمومي مستحيلاً، ولكنها قلّصت من دون شك فرصَ الربح التي بدا في الربيع الماضي أنها متاحة من دون مجازفة.

ومع خيبة الأمل تلك أتت خيبة أمل سياسية لـ«الديمقراطيين»، الذين تخيّلوا أنفسهم لوقت قصير قادرين على تشكيل أغلبية جديدة والإشراف في الوقت نفسه على طفرة اقتصادية في عشرينيات هذا القرن، لكن بدلا من ذلك بَدَوا مستعدين لارتداد كبير، وعودة سريعة إلى الشلل الذي كان يسِم الحياةَ السياسيةَ الأميركيةَ خلال عصرنا الطويل من الركود.

وتحت الاقتصاد والسياسة توجد خيبة الأمل من اللقاحات نفسها. فلا شك أن هذه الأخيرة سلاح منقذ للحياة، وأنها تحمي معظم الناس من أسوء النتائج، وأن بعض القيود على فعاليتها إنما كانت نتيجة للتعنت الحزبي والخلل الاجتماعي، وليس لأي شيء متأصل في اللقاحات نفسها.

ولكنها طبياً كانت أيضاً دون الآمال الأولى: ذلك أن حمايتها الأقوى تتلاشى بسرعة، وتتطلب جرعات معززة بوتيرة تجعل تلقيحاً شبه عام شيئاً عصياً على التخيل، كما أنها لم تؤد إلى الحد من انتشار العدوى بما يكفي للقضاء على «كوفيد-19».

وبالتالي، فإننا نواجه إمكانية عالم يكون فيه المرض مستوطناً على نطاق غير كارثي، ولكن في الوقت نفسه غير ضخم، مع ضربة مزدوجة من الإنفلونزا وكوفيد-19 كل شتاء: أي وضع طبيعي جديد يجعل حياة الجميع مليئة بالقلق والتوتر، ويشكّل عبئاً حقيقياً على النمو الاقتصادي. ثم إنه وسط كل خيبة الأمل هذه، ليس هناك حتى دليل واضح بعد بخصوص الإيجابيات الاجتماعية الممكنة للعمل عن بعد، والأمل في أن تصبح الطبقة المهنية مشتتة وموزعة جغرافياً وأن يتقلص الفصل الذاتي السياسي لدينا بشكل طفيف. والواقع أنني أريد أن أؤمن بنظرية التشتت الكبير هذه، ومن الواضح أن بعض الناس فروا من مدننا باهظة الثمن من أجل تربية أطفالهم في مدن صغيرة وبحثاً عن جمال الريف، أو انتقلوا للعيش في فلوريدا أو تكساس من كاليفورنيا أو الشمال الشرقي.

لكن البيانات الأولية للهجرة، حتى مارس 2021، تشير في معظمها إلى تدهور الجمود وعدم الحركة في أميركا. فالتراجع المتواصل منذ عقود في عدد الأشخاص الذين ينتقلون داخل الولايات المتحدة، والذي يُعد عَرَضاً من أعراض ركودنا العام، تَعمق تحت ظروف كوفيد-19. ذلك أن عدداً أقل من الناس غادروا المدن وعدداً أقل تركوا الضواحي مقارنةً مع فترة ما قبل الجائحة، ما يشير إلى أنه عِوضاً عن إدخال ديناميكية جغرافية جديدة أو نسخة من نسخ العمل عن بعد، فإن الأزمة لم تؤد في الغالب إلا إلى تجميد النظام الاجتماعي.

وإجمالاً، يمكن القول إن أفضل أمل في الوقت الراهن هو أن يتم تذكر 2021 باعتباره عام استقرار جزئي وتعيساً توقفت فيه اتجاهات مختلفة من عام الأزمة عن التفاقم والتدهور. لكن بعد ذلك ستمنحنا بقيةُ العشرينيات تحسناً حقيقياً: معدل تضخم أقل، وانخفاض معدلات جرائم القتل، والاستغناء عن الكمامات، والعودة الكاملة إلى الوضع الطبيعي بالنسبة للأطفال، ومزيد من الزيجات والأطفال وشاحنات نقل الأثاث، وأخيراً، مفر حقيقي من الشلل السياسي وعصر جديد من الوفرة.

لكن الأكيد هو أنك إذا كنت قد راهنتَ على التدهور بدلاً من الديناميكية في بداية رئاسة بايدن، فإنك أحسن حالاً بكثير من حال استثماري في البيتكوين حالياً.

*كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/01/26/opinion/biden-covid-american-disappointment.html