منذ اللحظات الأولى للإعلان عن العدوان الذي شنته ميليشيات «الحوثي» الإرهابية على أبوظبي الأسبوع الفائت، أدانت الدول ذاك الاعتداء الذي طال منشآت مدنية ومناطق مأهولة. وكل الإماراتيين كانوا على ثقة بأن الأمر لن يمر من دون رد قوي من قواتنا، وهو ما حدث بالفعل، معيدة رمزية (ثارنا ما يبات) العبارة التي قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عام 2015، رداً على استهداف عدد من أفراد قواتنا العسكرية التي كانت موجودة في اليمن لدعم الشرعية فيها. وحينها تكبد «الحوثيون» ما تكبدوه من خسائر، ليس أولها ولا آخرها مخازن العتاد في مدينة وميناء الحديدة.
في خط موازٍ لما حدث الأسبوع الماضي، دعت الإمارات إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن بغرض توثيق الإدانة الدولية لهجمات «الحوثيين»، وللوقوف بمسؤولية بما يتجاوز الإدانة بهدف مواجهة جريمة «الحوثيين»، والتي تعتبر ضد القيم والمبادئ الإنسانية التي حرص المجتمع الدولي على احترامها لضمان تمتع المدنيين حول العالم بها، وليتحقق الأمن والسلم الأهلي.
من هذا المنطلق، فإن المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن مطالب باتخاذ موقف ضد ميلشيات «الحوثي» الإرهابية، وتفعيل مواد الفصل السابع من الميثاق الدولي للأمم المتحدة ضدهم، لكونها هددت السلم وأخلت به وأوقعت العدوان على أبوظبي.

واللجوء إلى منظمة دولية ليس أبداً عنوان ضعف أو عجز عن الرد، بل هو تأكيد على احترام الشرعية الدولية، ووضع العالم أجمع عند مسؤولياته، خصوصاً وأن هذا العدوان ليس هو الطعنة الأولى للإمارات.
لماذا أقدم «الحوثيون» على هذا العدوان في هذا التوقيت؟! ما حدث خلال الأيام التي سبقت العدوان يمكّننا من فهم التصعيد وتحليله.

ففي الآونة الأخيرة تعاظمت وتيرة الحراك في اليمن ضد المليشيات، وتحديداً في المناطق التي يسيطرون عليها، فقد انكشفت حقائق عديدة عنهم، ومن بينها إرغام أبنائهم على الذهاب إلى حتوفهم، وآخر الخسائر والهزائم الكبيرة لهم كانت في مدينتي مأرب وشبوة، فأصيبت قيادات «الحوثي بتوتر وتخبط شديدين، وانقلب الناس عليهم.
وفي خضم ما حدث لهم، لجأوا إلى استهداف المناطق المدنية داخل وخارج اليمن بأعمال أقل ما يقال عنها إنها إرهابية. لكنهم أخطأوا كثيراً حين استهدفوا الإمارات التي تزيد إصراراً على الالتزام بموقفها الرافض للإرهاب والتطرف.

في المقابل، فإن ما حدث كشف عن مكانة الإمارات عند الشعوب، والقادة والحكومات، فكثيرون هم الذين ساندونا معنوياً، وأدانوا عدوان «الحوثيين» على دولتنا، ودعموا حقها في الرد، وأعادوا الحديث عن ضرورة تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية.
لا شك أن هذا الموقف الدولي وحجم التضامن والتأييد العالمي يعكس نجاح سياسة الإمارات ودبلوماسيتها وعلاقاتها مع الدول، المبنية على أساس التعاون المشترك، والاحترام المتبادل. وفي المقابل لا يمكن لأحد أن يتجاهل محبة الإمارات وروح الانتماء لها. فالمشاعر التي أبداها المواطنون والمقيمون على أرض الدولة عظيمة جداً، إلى درجة لا يمكنني وصفها.

كل كلماتهم محملة بعميق الوفاء والولاء والمحبة للإمارات التي تحتضن الناس من جميع أنحاء العالم، بلغاتهم، وخلفياتهم الحضارية، وثقافاتهم، وبالتنوع الذين هم عليه، لكنهم في الوقت ذاته مندمجون ومنسجمون مع روح الانفتاح الموجودة في بلدنا.

هنا لا أحد يشعر بالغربة، فالجميع بين أهلهم وفي المجتمع المرحب بهم. وبفضل ما نحمله من ثقافة تقوم على التسامح، وبفضل إيماننا بالقيم الإنسانية التي توحد بين البشر، نحن لا شك أقوى. وحتماً ستبقى الإمارات كما يعرفها الجميع، بلد سلام وتسامح وطمأنينة. لكن لا مكان للمعتدي علينا أينما يكن.