في حديث هادف ومهم وجهه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله ورعاه، إلى جمع من القيادات الوطنية والمواطنين الذين ضمهم مجلس قصر البحر في العاصمة أبوظبي، قال إن الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة بدأت في العودة إلى طبيعتها المعتادة، وبأن الوضع الصحي في البلاد آمن ومطمئن، وبأنها خرجت من جائحة «كوفيد- 19» بخير وسلامة، وبأن القيادة الرشيدة استفادت من ذلك التحدي دروساً وتجارب عديدة.

ونحن في دولة الإمارات كمواطنين ومقيمين نشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على هذا التطمين، وهذه الثقة التي يتحدث بها ويغرسها فينا كمواطنين متمنين له الصحة والسلامة وطول العمر في ظل القيادة الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله ورعاه، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد. هذا الحديث الشامل مفرح ويثلج الصدر، خاصة من زاوية القول بأن الحياة اليومية قد عادت إلى طبيعتها، سواء في العمل أو الدراسة أو العادات والممارسات اليومية للمجتمع مع التأكيد على الأخذ بالأسباب الاحترازية ومراعاة بعض التغيير في سلوكياتنا اليومية.

مثل هذا الحديث يؤكد أن القيادات والأمم والشعوب القوية، هي فقط التي تستطيع أن تقف بصلابة وقوة لكي تواجه المحن والكوارث التي تمر بها، خاصة على صعيد الأوبئة المعدية الفتاكة والأمراض المعدية العابرة للحدود، وهي التي تستطيع أن تتكاتف في الداخل ومع أمم وشعوب الأرض الأخرى للمحافظة على سلامة البشر وأمنهم وطمأنينتهم.

وفي العصور القديمة والوسطى كانت الأخطار الداهمة التي تهدد حياة البشر، تكمن في قوى الطبيعة المبهمة، أما اليوم فقد تم فهم معظم جوانب الأحوال الطبيعية التي تؤثر على استمرار البشر أحياء والسيطرة عليها.

أمام البشرية سؤال معياري مهم، خاصة على ضوء انتشار عدد من الفيروسات الفتاكة آتية من مختلف بقاع الأرض كـ «حمى الطيور» و«سارس» ومؤخراً «كوفيد- 19»، هو: هل أصبحت البشرية في مأمن من جميع الأخطار التي تهددها سواء من الأمراض الفتاكة أم من غيرها؟ الإجابة هي: كلا. فالمخاطر التي تهدد المخلوقات الحية جميعها بما فيها البشر، بالإضافة إلى البيئة والمناخ، أصبحت أكثر شؤماً، وتنذر بالخطر أكثر من أي وقت مضى.

والمأساة الحقيقية هي أن الأخطار الداهمة لم تعد شيئاً مبهماً أو غامضاً تجهله البشرية، لكن البشرية ذاتها هي التي صنعتها بيدها، وباتت أخطارها تهدد وجودها. وفي اعتقادنا أنه لا يوجد أي أمر آخر يشكل سبباً يجعلنا نفقد الأمل كبشر في مستقبل البشر من قيامنا بالنظر إلى حالة التجارب النووية والأسلحة البيولوجية والكيميائية السائدة في أوساط بعض الدول الوطنية القائمة في عالم اليوم وطبيعة السياسات، التي ترسمها لنفسها بما في ذلك عدد من الدول المتخلفة منها.

إن الدول الوطنية المعاصرة تشكل تجمعاً ضخماً من الأطراف الفاعلة التي يقع بين أيادي قادتها القرارات المصيرية المتعلقة بمستقبل البشرية وباستمرار وجود البشر على وجه الأرض من عدمه، فمن منا لا يشعر بالإحباط، وهو يشاهد الاستعدادات القائمة لإجراء التجارب النووية والبيولوجية ولشن الحروب الكبرى. وعليه، فمن منا لم يتوصل في قرارة نفسه إلى خلاصة بأن معظم ما يجري إن هو سوى إظهار بشري لجنون منظم؟

ومن منا لم تساوره نفسه ولو للحظة واحدة للقول أو الاعتقاد بأن جهود الذين يعملون من أجل المحافظة على مستقبل البشرية ما هي سوى محاولات لا طائل من ورائها، وذلك أمام فشل العديد من محاولات المحافظة على البيئة، والحد من انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية وصنع السلام في كل بقعة من بقاع الأرض. حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي يطمئننا فيه بقدرة بلادنا على تجاوز المحن الفتاكة في ظل قدرتها على تخطي تداعيات جائحة «كوفيد- 19» بشكل عملي وملموس، وبالحالة التي هي عليها أوضاع البيئة العالمية والعلاقات الدولية، يؤكد نجاحات دولة الإمارات، فعلى صعد عدة نجحت الدولة في احتواء ما يمر بها من مخاطر ومواقف شكلت هماً وطنياً لديها، بينما تنحدر البشرية المعاصرة إلى أعماق سحيقة.

* كاتب إماراتي