الأميركيون لا يترددون كثيراً في التسجيل في التطبيقات المجانية وأدوات الإنترنت التي تكسب المال من استخدام بياناتهم في الإعلانات الاستهدافية. لكنهم وفي الوقت نفسه قلقون من هذا بما يكفي لتأييد تشريع يحمي الخصوصية على الإنترنت. وهناك مد من القرصنة على البيانات يعزز أهمية هذا الإجراء. فشركة «تي-موبايل» وشركة «نيومان ماركوس» للبيع بالتجزئة من أحدث الأهداف التي تعرضت لاختراق البيانات التي طالت ملايين المستهلكين. وتعرف آمي كريبس، من أوهايو، ما الذي يعنيه استغلال البيانات الشخصية.

فقبل ثمانية أعوام بعد أن أقرت إدارة أوباما «قانون الحقوق» المتعلق بالخصوصية وهي مجموعة من الإرشادات الطوعية لتتبعها الشركات كي تحمي خصوصية المستهلكين، تلقت كريبس مكالمة هاتفية من شركة بطاقتها الائتمانية. فقد سُرق اسمها وبياناتها المالية. ولم تصدق أن هذا ممكن الحدوث. فقد استخدم الجاني معلومات كريبس في البنوك للقيام بمشتريات ببطاقة الائتمان، بل وللاشتراك في صحيفة محلية.

ورغم صعوبة إقرار التشريعات في كونجرس، فإنه يشهد حالة شديدة من الاستقطاب، فالمسعى لقانون يتعلق بخصوصية بيانات المستهلكين على امتداد البلاد يحظى بزخم. ويقول خبراء في الخصوصية إن سن قانون اتحادي بوسعه أن يعزز حماية جديدة واسعة النطاق للشعب الأميركي وإعادة هيكلة آلية السلطة بين المستهلكين والشركات التي استخدمت تاريخياً معلومات الناس كما لو أنها خاصة بها. وأقرت ثلاث ولايات، هي كاليفورنيا وفيرجينيا وكولورادو، قوانين لحماية خصوصية البيانات.

ويرى جيمس لي، المدير في مركز «موارد سرقة الهوية» غير الهادف للربح، أن الولايات المتحدة تعاملت دوماً كما لو أن البيانات لا تخص الأفراد، و«لذا فهو تحول هائل». وطُرح عدد من مشروعات قوانين حماية الخصوصية في الكونجرس خلال العامين الماضيين للقضاء على الفوضى، وبحثت 30 ولاية على الأقل تشريعات خاصة بها.

والمسعى يحظى بدعم الحزبين. فقد أعلن السيناتور «الجمهوري» روجر ويكر في جلسة استماع بشأن خصوصية البيانات، يوم 29 سبتمبر الماضي، قائلا: «الأميركيون يستحقون أن تتمتع بياناتهم بالحماية». وصرحت السيناتور «الديمقراطية» ماريا كانتويل، يوم 6 أكتوبر الجاري، أن الوقت قد حان لحماية البيانات. ويأتي مسعى سن تشريع في الوقت الذي تواجه فيه شركات التكنولوجيا انتقادات على عدة جبهات. وأحدث مثال تجسده شهادة أحد الأشخاص في الكونجرس بأن فيسبوك تجاهلت أدلةً داخليةً تشير إلى أن نماذجها الاقتصادية لمشاركة المحتوى لها تأثيرات ضارة على المستخدمين.

وفي وقت مبكر من العام الجاري، قدّم السيناتور «ويكر وهو»، وهو عضو جمهوري بارز في «لجنة التجارة والعلوم والنقل» في مجلس الشيوخ، مشروع قانون اتحادياً لخصوصية البيانات. وكانت السيناتور الديمقراطية كانتويل التي ترأس هذه اللجنة حالياً قد قدمت قانوناً خاصاً بها عام 2019. وترى ستاسي جراي، المستشارة البارزة في «منتدى مستقبل الخصوصية»، وهو جماعة غير ربحية، أن «الحوار أصبح أكثر ثراءً بكثير على مدى العامين الماضيين، وهذا جيد للغاية.

وهناك مساحة للتوصل إلى حلول وسط». وإحدى نقاط الخلاف تتمثل في ما إذا كان يجب أن يستبق أو يتخطى القانون الاتحادي قوانين الولايات. ويفضل كثير من الديمقراطيين السماح للولايات بإقرار قوانين أشد صرامة إذا أرادت. ويرى جيمس لي، من مركز «موارد سرقة الهوية»، أنه من حق «المرء معرفة الجهة التي تجمع معلومات عنه ونوعية المعلومات التي يجري جمعها، ثم بناءً على الغرض من هذه المعلومات يستطيع طلب إزالتها أو تصحيحها إذا كانت خاطئة».

وهذه الإجراءات قد تمثل مساعدة كبيرة لأشخاص مثل كريبس التي تعمل في مؤسسة مجتمعية غير هادفة للربح وتدير مدونة لتساعد الآخرين على مواجهة سرقة الهوية. وتؤكد كريبس أيضاً على أهمية محافظة الشركات على صحة السجلات. وترى أنه قبل الحديث عن قوانين الخصوصية، سواء على مستوى الولايات أو على المستوى الاتحادي يتعين الحديث عن الدقة.

وحين علمت كريبس أن بياناتها سُرقت، لم تكن تعرف على الفور ما الذي يتعين عليها القيام به. وبعد البحث على الإنترنت وجدت أن عدداً قليلا من الناس تحدثوا علناً عن سرقة هويتهم. وذكرت أن أحد الردود الطبيعية على السرقة هو أن يختبئ المرء بسبب المشاعر المختلطة التي تنتابه. لكنها قررت الاتصال بالشرطة المحلية في نورث كانتون، بولاية أوهايو، وتقدمت ببلاغ. وتوضح بيانات «اللجنة الاتحادية للتجارة» وهي الوكالة الاتحادية المعنية بحماية الخصوصية، أن عدد البلاغات عن سرقة الهوية ارتفع من نحو 650 ألفاً عام 2019 إلى أكثر من 1.3 مليون العام الماضي.

وهذا يفسر الدعم الشعبي الواسع الذي يتخطى الأحزاب لسن قانون اتحادي لحماية الخصوصية. وذكر ثمانية ناخبين من كل عشرة أنه يجب على الكونجرس إعطاء أولوية لتشريع الخصوصية وفقاً لاستطلاع رأي أجرته شركة مورننج كونسالت في أبريل. وهذا تضمن 86% من الديمقراطيين و81% من الجمهوريين قالوا إن الكونجرس يجب أن يجعل الخصوصية «أولوية عليا» أو «مهمة لكن في مرتبة أقل» عام 2021.

وبعض الشركات -من بينها فيسبوك الذي نشر منتدى للقرصنة معلومات عن أكثر من 500 مليون من مستخدميه- تطالب بسن قانون اتحادي بدلا من تشريعات متناثرة للولايات. وبخلاف أمر تنفيذي صدر في يوليو الماضي، التزم الرئيس الصمت تجاه قضية خصوصية البيانات منذ توليه المنصب، لكنه عين أحد نشطاء الدفاع عن الخصوصية في «اللجنة الاتحادية للتجارة» الشهر الماضي. وترى ستاسي جاري- من منتدى مستقبل الخصوصية- أن التشريع الاتحادي عليه أن يطالب الشركات بحماية أفضل لبيانات المستهلكين.

وترى أن اشتراطات تقليص البيانات وتقييدها قد يحد من مقدار البيانات المخزنة في خوادم الشركات أو بيعها للاستخدامات التي تتجاوز الغرض الأصلي من جمعها. ويرى جيمس لي -من مركز «موارد سرقة الهوية»- أن نجاح القانون يتمثل في أن يستخدم الأفراد الحقوق التي حصلوا عليها لأنه بغير هذا لا معنى للقانون.

*صحفي متخصص في الأمن الرقمي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»