أحد أكثر الجوانب إثارةً للقلق في العملية الإرهابية التي وقعت مؤخراً في مطار كابول هو رد الفعل الذي لم تفلح هذه العملية في إثارته. فهذا العمل الشنيع كان يجب أن يذكر الأميركيين بأن ما يجمع بينهم كشعب متحضر أهم بكثير مما يفرق بينهم.

لكن لا يوجد إلا القليل مما يدل على حدوث هذا. ومع اقتراب ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، يستعيد المرء الذكرى ويفكر في الطريقة التي تعامل بها الناس معها. فقد أحاط التأييدُ الكاسح فكرةَ أنه يجب اتحاد الأميركيين وأصدقائهم حول العالم في مواجهة الشر.

صحيح أن الأعمال التي تمخضت عنها هذه العقيدة اتبعت أحياناً نصائح سيئة وكانت كارثية، كما في حالة العراق، لأن الغرض الذي يتشكل في مثل هذه الظروف لا يكون بالضرورة حكيماً. لكن الشعور بالصمود معاً كان جزءاً محورياً من استعادة الروح المعنوية الطيبة بعد ضربة ساحقة. في ذاك الوقت، كنت أعيش في لندن، وأتذكر بوضوح كيف تملكني هذا الإحساس وضمد جراحي كمواطن بريطاني. ما حدث قبل 20 عاماً كان أكثر صدمةً بكثير مما حدث في تفجير كابول بالطبع.

لكن المرء توقّع أيضاً أن يتحد الرأي العام في مواجهة وحشية هذا الهجوم على أشخاص يحاولون الفرار وجنود أميركيين ينسحبون. لكن الهجوم أصبح، بدلاً من هذا، زاداً جديداً لانقسامات البلاد المضنية التي لا تنتهي. فـ«الجمهوريون» قالوا إن هذا هو ما أخبرناكم أن تتوقعوه من بايدن. و«الديمقراطيون» قالوا إن الانسحاب ما كان له أن يمضي بيسر بسبب الظروف، وعلى أي حال، فقد ألزَمنا ترامب تنفيذ هذه السياسة.

وبالنسبة للأميركيين الضالعين في الحياة السياسية، كان السؤال المحوري هو: هل هناك تأثير لهذا على انتخابات التجديد النصفي؟ وما مدى هذا التأثير؟ لقد كان الحدث، باختصار، تشتيتاً للانتباه لفترة قصيرة عن سير العمل كالمعتاد. ويصبح العبث كامل التكوين حين لا يتقلص العداء المتبادل بين الأحزاب السياسية رغم اتفاقهم على السياسة الأساسية، كما في هذه الحالة.

فقد اتفق الرئيس السابق دونالد ترامب مع «طالبان» على تيسير عملية انسحاب أميركية سريعة، ضد رغبات الحكومة الأفغانية وشركاء الولايات المتحدة في حلف «الناتو». وتبنّى الرئيس جو بايدن والديمقراطيون هذا النهج الذي ينطوي على الاستخفاف بالحلفاء وبجانب كبير من خطاب «أميركا أولاً» في سياقه. ومهما يكن من أمر ذلك الخيار، أي صوابيته من عدمها، فقد اتفق الديمقراطيون والجمهوريون على الأمر الرئيسي. لكن لا أثر للاعتراف بالملكية المشتركة للعواقب.

ونجد أن الجمهوريين يحاولون إقناع الناخبين بأن ترامب كان سيطبق السياسة بكفاءة أكبر. والديمقراطيون يروجون لفكرة أن السياسة طُبقت بشكل جيد بالفعل، نظراً لما يحيط بها من ظروف. لكن ما الأهمية؟ الرهان على التفوق السياسي على الآخر- وهو أبناء الوطن من الأميركيين- وهذا هو المهم!

لقد تمثلت أقوى حجة لاختيار بايدن رئيساً في أنه سيبدأ إصلاح الانقسامات في بلاده، لكنه لم يحاول كثيراً. إن دفاعه عن كارثة كابول يليق تماماً بترامب في رفضه النرجسي للاعتراف بالخطأ والاستعداد للوم الآخرين. والزعماء الجمهوريون ما زالوا واقعين في أسر شخص هيمن على حزبهم وليس لديهم شيء له قيمة يردون به على هذا. ودورهم الوحيد هو مفاقمة الأمور.

وقيل ذات يوم إن الأمة المنقسمة على نفسها لا تستطيع النهوض. وإذا لم تتحد البلاد في مواجهة خصوم ببشاعة مرتكبي الهجوم على مطار كابول، فاليأس يتسلل إلى المرء بشأن ما عساه سيحدث في المستقبل.

*صحفي متخصص في الاقتصاد والتمويل.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»