«أُمنا الطبيعة» محبَطة وغاضبة من أبنائها. وإذا لم تلاحظ ذلك، فإنك لم تكن منتبهاً. فالطبيعة توفّر لنا القوت والرزق. وتعاملنا بحسن وتحمينا. فماذا فعلنا لكي نرد لها الجميل؟ إننا نعاملها بالطريقة التي كثيراً ما نعامل بها أمهاتنا. إذ نتجاهل نصائحها. ونقدّم احتياجاتنا على احتياجاتها. ونتصور أنها تستطيع جعل أي مشكلة تختفي بشكل سحري – ربما لأننا نتعامل مع عمل أمهاتنا الحقيقيات باعتباره من المسلّمات حين كن ينفضن عنا الغبار عندما نسقط ويبسطن طبق الطعام لإطعام أسرة من ستة أفراد. 
والآن، ومثلما نستطيع أن نرى بوضوح، فقد أسأنا التقدير وقلّلنا من شأن غضبنا. 
والنتيجة: حرائق، وفيضانات، وانزلاقات ترابية، وأنهار وخزانات مائية تنضب، ودرجات حرارة قياسية، وتقدّم خطوط السواحل، وذوبان الجليد. إن الأرض في خطر، والكثيرون أخذوا يدركون أخيراً أنهم لم يعد يستطيعون النظر إلى الأرض باعتبارها طاقة الخير التي تفتح ذراعيها وتمنحنا النعم بسخاء – وخاصة إذا لم نتخذ أي خطوات لكبح الأنشطة والعادات التي تتسبب في ارتفاع انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. 
إن الكفاح الذي يميز عصرنا ومستقبلنا هو التوتر بين «أمنا الطبيعة» والطبيعة البشرية. ولهذا، يجدر بنا أن نفكر بشكل مختلف بشأن مع من نتعامل هنا. 
وهذا يبدو أنه قد بدأ يحدث أخيراً. ففي موسم أحداث مناخية متطرفة كارثية وقاتلة، هناك بعض المؤشرات على أن حتى الأشخاص الذين كانوا مترددين من قبل في قبول الحقائق العلمية التي وراء تغير المناخ قد أخذوا ينتبهون أخيراً إلى التهديد. فقد وجد مركز بيو للأبحاث أن أكثر من 60 في المئة من الأميركيين ينظرون إلى الاحتباس الحراري على أنه مصدر تهديد رئيسي – الحصة الأعلى تعود إلى 2009 – وأن 65 في المئة يريدون من الحكومة أن تفعل شيئاً ما من أجل الحد من تأثيرات تغير المناخ. كما أن 6 من أصل كل 10 من ناخبي ترامب باتوا يؤيدون تقنين التلوث الذي يتسبب في تغير المناخ أو حتى إمكانية فرض ضرائب عليه. 
ولا شك أن هذه تغيرات مهمة، ولكنها ليست كافية لتصحيح المسار وإصلاح ما تسببنا فيه من أضرار. والحكومة لا تستطيع القيام بهذا لوحدها. وسيتعين على الأفراد القيام بتغييرات أساسية. 
ولنبدأ بأفكارنا حول من هو المسؤول حقاً عن مصيرنا. فكرة تبني رمز الأم لتمثيل كوكب الأرض ربما كانت جهداً مبكراً لتعديل السلوك الفردي. فنحن جميعاً لا نريد إغضاب أمهاتنا؟ ورمز «أمنا الطبيعة» في العالم الغربي له جذور في الميثولوجيا الإغريقية القديمة وميثولوجيا حضارة الإنكا. وإنه لأمر مخز حقاً أنها فقدت بعضاً من قوتها مع مرور الوقت.
طبعاً لا أحد يعفي الرجال من المسؤولية، ولكنك إذا ألقيت نظرة على قائمة الأشياء العشرة أو الاثني عشر التي نستطيع نحن كأفراد القيام بها بشكل فوري من أجل تقليل بصمتنا الكربونية والحفاظ على مواردنا، فإنك ستجد أن معظمها أفعال تتأثر بالنساء في معظم الأحيان أو تتحكم فيها النساء مثل أكل قدر أقل من اللحوم، وشراء عدد أكثر من الأجهزة ذات الكفاءة في استهلاك الطاقة، والحد من هدر الطعام، وسياقة سيارات كهربائية أو هجينة، والقضاء على المياه المعلّبة، وخفض ضابط الحرارة (في فصل الشتاء)، ومحاولة صنع سماد طبيعي، واستخدام المصابيح ذات الأمد الطويل... ذلك أن ما يشتريه الناس وما يفعلونه يمثّل خط الدفاع الأول، وفي كثير من الأحيان، تُتخذ تلك القرارات من قبل النساء أو تتأثر بهن كثيراً، كما تقول ديان ماك-إيتشرن، مؤلفة كتاب «محفظة خضراء كبيرة.. استخدام القدرة الشرائية لخلق عالم أكثر نظافة وخضرة»، مضيفة: «إن النساء لديهن هذه القدرة الشرائية الهائلة لأن النساء ينفقن أكثر من 80 في المئة من كل دولار مستهلك في السوق». 
وعليه، فإلى جانب الخطوات التي قاومناها، دعونا نكف عن ترويج رسمنا الكاريكاتوري الغريب لـ«أمنا الطبيعة» ولنتركها تتخلى عن تاجها المصنوع من الزهور البرية واليوكاليبتوس. فتلك الصور تبدو كما لو أنها مقتبسة من حكاية خرافية أصلاً. وأي شخص قضى يوماً في مخيم أو في التسلق أو إزالة الأعشاب الضارة أو المشي بين أحضان الطبيعة أو البستنة أو التجديف... سيسخر من فكرة فستان وأشرطة حريرية في الطبيعة.
القرارات التي تتخذها النساء والفتيات والأمهات الحقيقيات قد تنقذ في نهاية المطاف كوكبنا المعرّض للخطر في تلك المعركة بين «أمنا الطبيعة» والطبيعة البشرية. وهذا شيء أنا على يقين بأننا سنصفق له. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»