يحتفل العالم في تاريخ 29 يوليو في كل عام، باليوم العالمي لمحاربة التمييز العنصري. فرصة عظيمة لإشاعة ثقافة التسامح وقبول الآخر، حيث تُطلعنا وسائل الإعلام المختلفة، المرئية والمكتوبة والمسموعة بتفاصيل مؤتمرات وندوات حول هذه المناسبة الإنسانية الرائعة ضد التمييز. هذا الأمر يمس البشر ومستقبلهم وحياتهم، كي يعيش المرء حراً طليقاً من دون أي تمييز أو اضطهاد.

كثيرة هي التحديات التي نشهدها اليوم في هذا العالم المتحضر والنظام العالمي الجديد، والذي كان مأمولاً أن يكون خالياً من أسلحة الدمار الشامل، ومن التميز والحروب ولكن هذا العالم اليوم أصبح أشد وطئاً وقسوة واضطهاداً ضد البشرية كلها وليس فئات معينة.

العالم اليوم يمارس التميز ضد البشر كله من دون استثناء. العالم أصبح موبوءاً ومخيفاً وقاتلاً للإنسان بغض النظر عن دينه وعقيدته ولونه وجنسه بسبب جائحة كورونا القاتلة المستجدة، التي يدّعون أنها من صنع الإنسان وبفعل فاعل، للخلاص من أعداد البشرية، وكثرة الناس الذي ضاق به الكون وقصت به البواخر. وبعد الأوبئة هناك الأسلحة المدمرة الطاحنة التي تقتل ملايين البشر بالأسلحة الذكية الفتاكة الجرثومية والمحرمة والملوثة، التي يُعلن عنها كل يوم ويحتفل بها البعض، إضافة إلى أنواع أخرى قوية تقضي على البشر عن بُعد بضغطة زر لتحول الإنسان إلى رماد، وتتحول المدن إلى نفايات، بأسلحة من خلف البحار، سواء بأشعة الليزر من على ظهور الفرقاطات البحرية، وهي تسبح في البحار البعيدة.

في المقابل لم نسمع إن هناك اكتشافاً طبياً جديداً مذهلاً يقضي على الخلايا السرطانية التي قضت على البشر، أو حتى اكتشاف مصل لعلاج مضاد يقضي على أمراض السكري مثلاً، الذي قضى على آبائنا وأجدادنا، بل نحن أيضاً نعاني منه من دون الوصول إلى علاج ناجع، يقضي على هذا الموت البطيء. هذا كله بالإضافة إلى أمراض العصر الجديد، التي أبتلينا بها وهي الطائفية المقيتة، التي يتم تصديرها لنا، بهدف تأجيح الصراعات، والفتك بالشعوب وتفريقها والتشويش على وطنيتها وهويتها.

الطائفية هي الأكثر فتكاً من التمييز العنصري على أساس الشكل واللون، بل أصبحت أفيون الشعوب، التي تتسبب في الفرقة والاقتتال المذهبي والتصفيات على الهوية، وتفرق الأخوة وتبعد المجتمعات عن بعضها، وتمزق الأوطان وتشل تنمية النسيج الاجتماعي من الداخل.

فأين العالم الجديد المتحضر والمؤسسات الإنسانية والفكرية والتعليمية والإنسانية، لتقضي على هذا النفس العنصري الطائفي المذهبي، الذي استشرى وفتك بالعالم العربي والإسلامي قبل مجيء فيروس جائحة كورونا القاتل المعدي المؤذي؟ الطائفية أكثر خطورة وفتكاً وإجراماً وغلظةً وإيذاء من كل الأوبئة والأمراض والحروب والكوارث الطبيعية والمصنوعة، التي تحاك وتدار ضد البشر في هذا الكوكب، الذي أصبح موبوءاً كله من دون استثناء، ولم تنطل عليه أكذوبة النظام العالم الجديد الذي أصبح غارقاً بالدماء والأمراض والأوبئة والمؤامرات، التي تحاك ضد البشرية في كل مكان وزمان بسبب ومن دون سبب، بل أصبح الإنسان تجارب للآخرين أكثر من ( تجارب الفئران)! * *كاتب سعودي