أدخل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الأسبوع الماضي، توسعاً كبيراً على حكومته استبدل فيه عدداً من الوزراء، من بينهم وزير الصحة، وأضاف 36 وجهاً جديداً، في واحدة من أكثر الإجراءات شمولاً منذ سنوات. وفي إجراء فاجأ كثيرين، أقال «مودي» عدداً من الوزراء البارزين وأحل محلهم وجوهاً جديدة، فيما يعتبر نهجاً للتصحيح في غمرة انتقادات لتعامل حكومته مع جائحة كوفيد. ويوحي التعديل أيضاً بأنه يستهدف تغيير النهج السياسي قبيل انتخابات مهمة في الولايات الهندية. والوزير المسؤول عن تكنولوجيا المعلومات والإذاعة وأيضاً وزير الاتصالات وهو أيضاً متحدث بارز باسم الحزب الحاكم، كانا من بين عدد كبير من الوزراء الذين أُقيلوا في التعديل الوزاري. ومن بين الوافدين الجدد البارزين وجوه شابه تولت مناصب مهمة مثل وزارات الطيران المدني والسكك الحديد. والإضافات الجديدة صعدت بعدد الوزراء من 52 وزيراً في السابق إلى 77 وزيراً الآن. 

وأبرز الشخصيات التي أقيلت، وزير الصحة، «هرش واردهان»، الذي أعلن قبل الأوان انتهاء جائحة كوفيد قبيل الموجة الثانية المدمرة في أبريل-مايو الماضيين. وإقالة «واردهان»، اعتبرت استجابة للانتقادات بشأن التعامل مع الموجة الثانية من الجائحة. وشهدت البلاد موجة ثانية مدمرة، وواجهت الحكومة انتقادات لتعاملها معها. وضغطت الموجة الثانية على البنية التحتية الصحية القائمة، مما تمخض عن نقص في الأوكسجين والأسرة في كل أنحاء البلاد تقريباً. وواجهت الحكومة أيضاً انتقادات بسبب التطبيق العشوائي لبرنامج توزيع اللقاحات. 

صحيح أن برنامج توزيع اللقاحات تحسن إيقاعه في الأسابيع القليلة الماضية، لكن لم يحصل على اللقاح حتى الآن إلا نحو 4.7% فقط من سكان الهند. ومازالت الهند تعاني مثل دول كثيرة أخرى حول العالم من شح في اللقاحات. والتطبيق الفوضوي لبرنامج اللقاح يخلق مخاوف من احتمال حدوث موجة ثالثة. ولذا، فقد انصب تركيز التعديل الوزاري على خروج وزير الصحة في ذروة جائحة. ويتركز عمل وزير الصحة الجديد، «منسوخ مندافيا» ونائبه، وهو وزير دولة جديد، على تنسيق مسعى البلاد في إعطاء اللقاحات لمنع موجة ثالثة من الجائحة. وكان «مندافيا» في السابق وزيراً صغيراً في الحكومة، ويتعين عليه الآن إثبات جدارته في الوقت الذي تكافح فيه الهند الجائحة وتسعى الحكومة للإسراع بخطى برنامج إعطاء اللقاحات. 

وتشهد الهند حالياً انخفاضاً إجمالياً في حالات الإصابة بفيروس كورونا، رغم استمرار ارتفاع معدلات الإصابة في بعض الولايات وخاصة في المناطق الريفية. ورصدت الهند 37154 حالة إصابة جديدة بكورونا و724 وفاة في 24 ساعة فقط خلال الأسبوع الماضي. ومازال هناك ولايتان هنديتان تشهدان ارتفاعاً في الحالات. فقد سجلت ولاية كيرالا 12220 إصابة جديدة وسجلت ولاية مهاراشترا 8535 إصابة جديدة. والعدد الإجمالي لحالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد بلغ أكثر من 30 مليون حالة وإجمالي عدد الوفيات بلغ 408762، وزاد معدل التعافي ليبلغ 97.22%، وفقاً لبيانات وزارة الصحة.

هناك أيضاً أسباب لخروج عدد قليل من الوزراء ودخول وجوه جديدة في الوزارة. وهذه الأسباب تتضمن تحمل مسؤولية النقد عن التعامل مع الجائحة وتحقيق التمثيل السياسي لبعض الحلفاء قبيل انتخابات حاسمة في الولايات، بالإضافة إلى مكافأة الأنصار. فقد كانت الاعتبارات السياسية من الحوافز أيضاً التي أدت إلى التعديل الوزاري. وفي الهند يمثل التعديل الوزاري عملية معقدة تأخذ في الاعتبار التمثيل السياسي للطبقات والأديان والحلفاء. والأحزاب الحاكمة تستخدم التعيينات الوزارية للتقرب من جماعات سياسية مهمة وحلفاء مهمين. ويضم التشكيل الوزاري الحالي نحو 15 وزيراً ينحدرون من ولاية اتر براديش التي من المقرر إجراء انتخابات محورية فيها العام الماضي. ويسعى حزب «بهاراتيا جاناتا» إلى استعادة السلطة في الولاية التي يمثل فيها رئيس الوزراء، «مودي»، دائرة واراناسي. 

وفي لمحة تعبر عن إدراك الأهمية المتزايدة لأصوات النساء، تم إدخال سبع سيدات في الحكومة مما يصل بالعدد الإجمالي للوزيرات إلى 11 وزيرة. ومن بين الوزيرات رئيسة حزب «أبنا دال» الذي مقره ولاية اتر براديش وهو حليف لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم. ويأتي التعديل الوزاري أيضاً في الوقت الذي تنخفض فيه معدلات التأييد لمودي في منتصف فترة ولايته الثانية، رغم أنه مازال يتمتع بشعبية كبيرة. ويتعين على «مودي»، فيما هو قادم، الخروج بالبلاد من الجائحة وتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز توافر فرص العمل. ومن الواضح أنه يحتاج إلى تعزيز السرعة بعد أن بلغ منتصف فترة الولاية الثانية وربما يدخل أكثر المراحل صعوبة في فترتي ولايته في السلطة.