يتبوأ أدولف هيتلر مكانة بارزة بين أكثر الشخصيات شراً في تاريخ البشرية. ومثلما يلفت إلى ذلك «شون ماكميكن» في كتابه الجديد والرصين «حرب ستالين.. تاريخ جديد للحرب العالمية الثانية»، فإن «هيتلر ما زال يهيمن على كوابيسنا باعتباره بعبعاً يصلح لخدمة كل الأهداف، حيث توحّدنا الفظاعات التي أطلقها في التنديد بالفاشية ومعاداة السامية والعنصرية وغيرها من شرور النازية». ويحتل هيتلر والنازيون في الغرب أسمى مراتب الفساد البشري.
لكن، ومثلما يقول ماكميكن، فكلما انتقل التركيز شرقاً، هيمن جوزيف ستالين وروسيا السوفييتية على الصورة. وقد كتب ماكميكن أن انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لم يجلب سوى مزيد من الآلام التي اتخذت شكل غزوات وحروب أهلية في أوروبا الشرقية وشمال آسيا. ففي تلك المناطق، حصلت «حروب ما بعد الحرب» ضد ملايين عمال السخرة لفائدة الصناعات السوفييتية، من بولندا ولاتفيا وإستونيا وفنلندا ورومانيا وأوكرانيا والمجر، إضافة إلى قرابة مليون ياباني ومنغولي وكوري، بعد عام 1945. و«هكذا، بدأت فترة جديدة من الرعب، غذّاها شعور متزايد من الارتياب المرضي إزاء اليهود والسكان الموالين للغرب، ودامت حتى وفاة ستالين في عام 1953»، كما كتب ماكميكن.
والواقع أن عدد الأبرياء الذين قتلوا خلال العقد الذي تلا الحرب، يفوق عدد ضحايا هتلر بكثير، سواء من العسكريين أو المدنيين. 
ولئن كانت بعض بقايا هذه البروباغندا ما زالت موجودة إلى اليوم، فلا شك في أن كتاب «حرب ستالين» قد بدّدها. والواقع أن هناك كتباً جديدة كل سنة تَعد بـ«تاريخ جديد» لمادة شكّلت موضوع دراسات كثيرة مثل الحرب العالمية الثانية، غير أن ماكميكن يفي بذاك الوعد في الحقيقة. فالحرب، كما يقول، كان لها بطل حاربت جيوشُه في كل من آسيا وأوروبا على نطاق ملحمي امتد عبر الكتلة الأوروآسيوية، وشارك في غزو قوى المحور، وقام بتوسيع إمبراطوريته بشكل كبير. «وبكل هذه الطرق»، يكتب ماكميكن، «لم تكن الحرب حرب هيتلر، وإنما حرب ستالين». 
ولا شك في أن إدراج ساحات المعارك الآسيوية المهمة يضيف عنصراً مهما إلى أطروحة ماكميكن. فاستخدام المؤلف المكثف للأرشيفات السوفييتية يوفّر لمحة على تعاملات ستالين مع حكومة شيانغ كاي شيك في الصين، والتي أدت إلى اتفاقية الصداقة والتحالف بين الصين والاتحاد السوفييتي الموقّعة في أغسطس 1945، وشملت وعي الغرب المتزايد بالممارسات السوفييتية في منشوريا. وتُظهر سياسات ستالين في «الشرق الأقصى»، والتي كانت مخفية بشكل كبير عن حليفيه الصوريين الرئيس الأميركي هاري ترومان ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل، أجندةً تتسم بالقوة، أجندة كانت فيها محاربة هتلر وسيلة للاستيلاء على الأراضي. 

الغضب الذي يحرّك كتاب «حرب ستالين» يتعلق بالتواطؤ الغربي: ذلك أنه عندما بدا أن الاتحاد السوفييتي قد انضم إلى قضية الحلفاء، لم يكن هناك ما يمكن لستالين أن يطلبه من الحلفاء من دون أن يلبّى له. ومثلما يكتب ماكميكن، ففي الأشهر الأربعة عشر الأخيرة من حرب المحيط الهادئ، تلقى السوفييت أكثر من 4 ملايين طن متري من معدات الحرب من أجل جيوش ستالين في الشرق الأقصى، بما في ذلك 870 ألف طن طولي من النفط، أي ما يعادل تقريباً كل الكمية المشحونة إلى روسيا كمساعدة في محاربة النازيين.
وكما يكتب ماكميكن، فإن طبيعة ستالين كانت واضحة من البداية. فـ«لو كانت هناك أي شكوك في لندن وواشنطن بشأن نواياه بالنسبة لشعوب أوروبا التي سيتم غزوها قريباً بعد ذلك، فإنها كان ينبغي أن تبدّد بسبب سلوكه حينما اقتحم الجيش الأحمر، على متن الشاحنات والإطارات المطاطية التي تلقاها في إطار البرنامج الأميركي لدعم الدول التي تحارب ألمانيا النازية، بولندا المحتلة سابقا (والتي ستحتل مرة أخرى قريباً بعد ذلك)، في النصف الثاني من 1944».
وفي نهاية الحرب، وجّه تشرشل تعليمات لقادة جيشه بتحضير خطة لمهاجمة القوات السوفييتية في أوروبا الشرقية، لكن بالطبع لا شيء من ذلك تم. وبدلا من ذلك، سُمح لستالين بنصر تام تقريباً في حرب قام بهندستها إلى حد كبير من أجل منفعته الخاصة. ولا شك أن شون ماكميكن قام بعمل رائع في سرد قصة هذه الحرب.

 

  ستيف دونهيو
*كاتب أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»