تراجعت وتيرة النمو السكاني في المملكة المتحدة خلال العام الماضي إلى أبطأ معدلاتها منذ ما حوالي عقدين من الزمن مع انتشار آثار جائحة فيروس كورونا المستجد. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية: إن عدد الأشخاص الذين يعيشون في البلاد ارتفع إلى مستوى قياسي بلغ 67.1 مليون اعتباراً من يونيو 2020، بزيادة قدرها 284.000 عن منتصف عام 2019. وكانت الزيادة البالغة نسبتها 0.4% هي الأصغر منذ عام 2002، بل وأقل من التقديرات الأولية التي نُشرت قبل شهرين.
وقد عكس ذلك التباطؤ زيادةً حادةً في الوفيات والقيود على السفر الدولي وأعداد الأشخاص الذين يغادرون المملكة المتحدة بعد أول إغلاق تم فرضه في مارس من العام الماضي لاحتواء انتشار «كوفيد-19». ثم غادر حوالي 47.000 شخص المملكةَ المتحدةَ في الأشهر الثلاثة التالية، أغلبيتهم من مواطني الاتحاد الأوروبي الذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل عندما اضطرت المتاجر والمطاعم وغيرُها من الصناعات والأنشطة إلى الإغلاق.
وقال ريتش بيريرا، نائب مدير مركز الشيخوخة والديموغرافيا في مكتب الإحصاء الوطني: «يمكن تقسيم الاثني عشر شهراً حتى يونيو 2020 إلى قسمين واضحين، الأشهر الثمانية الأولى، عندما كانت المواليد والوفيات وأنماط الهجرة مماثلةً للاتجاهات التي شوهدت في السنوات الأخيرة»، بينما أظهرت الأشهر الأربعة، بدءاً من مارس، انخفاضاً حاداً.
وشهدت لندن خسارة صافية قدرها 101.000 شخص مقارنةً بأجزاء أخرى من البلاد. وهذا يتفق مع الدليل على أن الأشخاص أصبحوا الآن قادرين على العمل من منازلهم وتركوا المدن الكبرى بحثاً عن مساحة تتيح التباعد الاجتماعي.
وتم تعزيز عدد السكان من خلال وصول المزيد من الأجانب إلى المملكة المتحدة، مقارنةً بالمغادرة في الأشهر الثمانية التي سبقت دخول بريطانيا في حالة إغلاق. ومع ذلك، فإن صافي الهجرة التي لوحظت في الربع الثاني من العام يشير إلى نزوح جماعي كبير للعمال الأجانب مع استمرار الوباء.
ومع انتعاش الاقتصاد الآن بقوة، تجد المطاعم والشركات الأخرى التي اعتمدت بشكل كبير على العمال المهاجرين قبل الوباء، صعوبةً في ملء الشواغر. كما لعب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) دوراً أيضاً، حيث أتى عدد أقل من عمال الاتحاد الأوروبي إلى المملكة المتحدة منذ تصويت 2016 لمغادرة الاتحاد الأوروبي.
وجعل الوباءُ من الصعب تتبع تدفقات الهجرة. لذا، تم تعليق الدراسة الاستقصائية الدولية للمسافرين، التي كانت تسأل الوافدين وجهاً لوجه في منافذ الدخول، في مارس من العام الماضي بسبب متطلبات التباعد الاجتماعي. ومنذ ذلك الحين، يعمل مكتب الإحصاء الوطني على تقديرات نموذجية باستخدام البيانات الإدارية للسفر وتدفق الحدود.
وبالنسبة لواضعي السياسات، فإن معرفة حجم وتركيبة السكان أمر مهم لتخطيط الموارد وتخصيصها. هناك أيضاً تداعيات كبيرة على النمو الاقتصادي المحتمل والمالية العامة. فقد يعني الانخفاض الحاد في الهجرة عائدات ضريبية أقل لسداد الديون الضخمة المتراكمة لمساعدة البلاد في اجتياز الوباء.
وقد أظهرت أحدث صورة للسكان كما يلي:
- ارتفعت الوفيات في النصف الأول من العام إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1986، معززة بـ55.000 حالة وفاة بسبب «كوفيد-19».
- تراجع عدد المواليد إلى أدنى مستوياته منذ عام 2003، حيث فاق عدد الوفيات بحوالي 31 ألفاً فقط.
- غادر ما يقرب من 65.000 شخص المملكة المتحدة في الربع الثاني من عام 2020، ووصل أقل من 18.000 شخص وسط قيود السفر.
- بلغ معدل الهجرة أعلى مستوياته خلال العام، خاصة في المدن الكبرى مثل لندن ومانشستر وبرمنجهام، وكذلك المدن الجامعية مثل أكسفورد وكامبريدج.
- تراجع معدل التنقلات بنسبة 11% في المملكة المتحدة، مما يعكس تأثير الوباء على التنقل.


*كاتب بريطاني
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»