شهد مقر الجامعة الأورومتوسطية بمدينة فاس في المملكة المغربية، افتتاح المقر المخصص لأنشطة كرسي الإيسيسكو «المرأة في العلوم: الذكاء الاصطناعي والمستقبل»، بهدف تعزيز الأبحاث العلمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشجيع مشاركة الفتيات والنساء في هذا المجال، وترسيخ ثقافة الاستشراف. وفي كلمته خلال الافتتاح، أعرب الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، عن سعادته ببدء أنشطة الكرسي في الجامعة الأورومتوسطية التي تعتبر واحدة من أهم الجامعات التي اتخذت موقعها المتميز بين جامعات العالم الإسلامي. كما وقّعت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والجامعة الأورومتوسطية اتفاقية إنشاء كرسي الإيسيسكو للفنون والعلوم والحضارات في الجامعة، بهدف تطوير الإنتاجات العلمية ذات القيمة المضافة في مجال الفن والفكر والترويج لها.
وأشار الدكتور مصطفى بوسمينة، رئيس الجامعة الأورومتوسطية، إلى أن 51 في المائة من العاملين بالجامعة نساء، وأن الطالبات متميزات في الدراسة، موضحاً أن كرسي الإيسيسكو العلمي سيساهم في تحقيق المساواة بين الجنسين، من خلال بناء قدرات الشابات وتعزيز وجودهن ومساهمتهن في مجال الذكاء الاصطناعي، ومواصلة العمل في المجالات الجديدة.
والحقيقة أن الجامعة الأورومتوسطية التي تضم 43 بلداً عضو في الفضاء المتوسطي، وأتشرف بكوني أحد المؤسسين وعضو مجلس إدارتها، يمكنها أن تفتخر بعاملين اثنين: أولا؛ كون رئيس الجامعة الدكتور مصطفى بوسمينة هو أحد كبار علماء الفيزياء في العالم، وهو أستاذ لامع تخرج على يديه العديد من العلماء، وهو صاحب العشرات من براءات الاختراع والمئات من الأبحاث المصنّفة، وله سمعة علمية كبيرة في العالم، ويتوفر على سيرة ذاتية قلّ نظيرها. وهو عضو ورئيس لعدة أكاديميات عالمية للعلوم والتكنولوجيا، ومدير عام سابق لأحد المعاهد العلمية الكبرى بجامعة لافال بمنطقة كيبيك (كندا)، كما أنه حاصل على عدة جوائز دولية، واختير دائماً من طرف أهم الجامعات كواحد من أفضل العلماء في مجال الفيزياء في العالم.
وثانياً؛ فالجامعة، وإن كانت لها تخصصات متعددة، فإنها نجحت في التموقع كقبلة متوسطية وإفريقية وعربية في تكوين أجيال المستقبل في التخصصات التي ستفيد بلدانها وعلى رأسها الذكاء الصناعي، وهو ما يمكن أن نستنتجه من استضافتِها كرسيَّ الإيسيسكو «المرأة في العلوم: الذكاء الاصطناعي والمستقبل». فربح رهان المستقبل قائم على الاستثمار في مجالات استراتيجية، على رأسها الذكاء الاصطناعي. ونعلم أن مجلس الشيوخ الأميركي، كما أشرنا هنا في مقالة سابقة، قد صادق مؤخراً، وفي لحظة تفاهم نادرة بين «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»، على مشروع قانون يقضي بتخصيص استثمارات كبيرة في العلوم والتكنولوجيا، واعتبر نص مشروع قانون «تاريخي» لمقاومة الاقتصادات المنافِسة. وتقضي الخطة بتخصيص أكثر من 170 مليار دولار لأهداف البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي. 
إن جامعتنا تؤمن بأن الذي سيفوز في السباق على تقنيات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي، «سيكون القائد في الاقتصادي العالمي»، فالأمم «ستصنع العالم على صورتها». وهذا ما فهمته بعض الدول التي أدركت أن ربح رهان المستقبل يجب أن يكون قائماً على الاستثمار في مجالات استراتيجية، على رأسها الذكاء الاصطناعي. ويمكن أن نذكر هنا ما تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال، إذ لها برنامج طموح، هو البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي، وهو مجموعة متكاملة من الموارد المخصّصة لتسليط الضوء على أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات.. كما يلقي البرنامج الضوء على مختلف المبادرات، والشراكات، وأحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وأثر ذلك كلّه على مستقبل البشرية. وتُعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول السبّاقة والرائدة في الاستخدام المسؤول لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتنوعة والمتكاملة. إن هذه الرؤية، وعلى غرار العديد من دول العالم، تتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة على نحو سريع في جميع أرجاء الحكومة، بالإضافة إلى استقطاب أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لاختبار التقنيات الجديدة، والعمل ضمن منظومة متطورة وآمنة لحل المشاكل المعقدة. وبفضل هذا الأساس المتين من المواهب، والحوكمة الأفضل للذكاء الاصطناعي، فإن الدول الرائدة في هذا المجال ستملك الظروف المواتية لتتبوأ الريادة في النظام العالمي المقبل.