تتكرر عبارة «عادت أميركا» في تصريحات الرئيس جو بايدن حول رحلته الأوروبية هذا الشهر، وهي كذلك بالمعنى الضيق. ووجد استطلاع أجراه مركز «بيو» للأبحاث أن 75% ممن شملهم الاستطلاع في عشرات الدول قد أعربوا عن «ثقتهم في أن يقوم الرئيس الأميركي بالشيء الصحيح»، مقارنة ب 17% قبل عام.
ومع ذلك، وبمعنى أكبر، فإن أميركا لم تعد. فيما يتعلق برفاهيتنا في الداخل والقدرة التنافسية في الخارج، فإن الحقيقة الصريحة هي أن أميركا متخلفة. في بعض النواحي، نحن ننزلق نحو المستوى المتوسط.
اليونانيون لديهم معدلات أعلى من ناحية التخرج من المدرسة الثانوية. أما متوسط عمر التشيليين فهو أطول. والأطفال في سن 15 في روسيا وبولندا ولاتفيا والعديد من البلدان الأخرى أفضل في الرياضيات من نظرائهم الأميركيين -ربما يكون مقياسا لمكانة الدول في جيل أو جيلين.
أما بالنسبة للقراءة، فإن خُمس الأميركيين البالغين من العمر 15 عاما لا يستطيعون القراءة بالمستوى المتوقع لعمر 10 سنوات. كيف سيتنافس هؤلاء الملايين من الأميركيين في اقتصاد يتسم بالعولمة؟ في رأيي، فإن التهديد الأكبر الذي يهدد مستقبل أميركا لا يتمثل في اندفاع الصين أو روسيا بقدر ما يتمثل في ضعف أدائنا في الداخل.
نحن الأميركيون نكرر شعار «نحن رقم 1» على الرغم من أن أحدث مؤشر للتقدم الاجتماعي، وهو مقياس للصحة والسلامة والرفاهية في جميع أنحاء العالم، صنف الولايات المتحدة في المرتبة 28. والأسوأ من ذلك، أن الولايات المتحدة كانت واحدة من ثلاث دول فقط، من أصل 163، تراجعت في مستوى الرفاهية على مدى العقد الماضي.
وضع تقييم آخر هذا الشهر، وهو تصنيف (آي إم دي للتنافسية العالمية 2021)، الولايات المتحدة في المرتبة العاشرة من بين 64 اقتصادا. وصنفت دراسة استشرافية مماثلة أجراها البنك الدولي الولايات المتحدة في المرتبة 35 من بين 174 دولة.
أكبر نقاط ضعفنا ليس ما تفعله البلدان الأخرى بنا ولكن ما فعلناه بأنفسنا. لا تستطيع الولايات المتحدة تحقيق إمكاناتها بينما يفشل العديد من الأميركيين في استخراج طاقاتهم الكامنة.
قال مايكل جرين، الرئيس التنفيذي للمجموعة التي تنشر مؤشر التقدم الاجتماعي: «إن فشل أميركا المزمن في تحويل قوتها الاقتصادية إلى تقدم اجتماعي يمثل عبئا كبيرا على النفوذ الأميركي. قد يحسد الأوروبيون ديناميكية الشركات الأميركية، لكن يمكنهم أن يريحوا أنفسهم لأنهم يقومون بعمل أفضل بكثير من خلال مجموعة من النتائج الاجتماعية، من التعليم إلى الصحة إلى البيئة».
مقترحات بايدن للحصول على ائتمان للأطفال قابل للاسترداد، لمرحلة ما قبل الروضة الوطنية، ورعاية أطفال ميسورة التكلفة وزيادة الوصول إلى الإنترنت، ستساعد في معالجة نقاط الضعف الاستراتيجية في أميركا. وستفعل هذه المقترحات المزيد لتقوية بلدنا أكثر من خطة بقيمة 1.2 تريليون دولار والتي اتبعها المسؤولون الأميركيون لتحديث ترسانتنا النووية. إن أعظم التهديدات التي نواجهها اليوم هي تلك التي لا يمكننا القضاء عليها بالسلاح النووي.

لا تزال أميركا تتمتع بنقاط قوة هائلة. فميزانيتها العسكرية أكبر من الميزانيات العسكرية للدول العشر التي تليها مجتمعة. والجامعات الأميركية رائعة، وتنعكس ديناميكية الشركات الأميركية في الطريقة التي يستخدم بها الناس في جميع أنحاء العالم أجهزة آيفون الخاصة بهم لنشر آرائهم حول أغاني تايلور سويفت على صفحاتهم على الفيسبوك.
لكنهم يعلقون أيضا بذهول على تمرد الكابيتول ومحاولات «الجمهوريين» عرقلة التصويت. لم تكن الديمقراطية الأميركية في يوم من الأيام نموذجا متلألئا للعالم كما كنا نود أن نفكر، لكنها بالتأكيد أصبحت مشوهة الآن.

على نطاق أوسع، فقدت الولايات المتحدة ريادتها في التعليم بشكل عام وفي الاستثمارات في الأطفال. يقدر مشروع رأس المال البشري التابع للبنك الدولي أن الأطفال الأميركيين اليوم سيحققون 70% فقط من إنتاجيتهم المحتملة. هذا يؤلمهم. كما أنه يضر بأمتنا. ولكن لإعادة أميركا حقا، يجب أن نقلق بقدر أقل بشأن ما يفعله الآخرون ونهتم أكثر بشأن ما نفعله بأنفسنا.

*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»