أشعر بالحيرة حقاً لكون «الديمقراطيين» ما زالوا يأملون في دعم من الحزب الجمهوري ويسعون وراءه، رغم أنه أثبت أنه ليس سراباً فحسب وإنما غير موجود، باستثناء البعض منهم، وبخصوص بعض المواضيع فقط. 
أيها الديمقراطيون، إن الجمهوريين لا يريدونكم أن تفوزوا. فالأمر بهذه البساطة. إنهم لا يرغبون في أي نجاحات خلال فترة توليكم المسؤولية، وهم بكل تأكيد لا يريدون المشاركة في تلك الانتصارات. 
وهناك تقارير متواترة تفيد بأن الديمقراطيين يفعلون ما في وسعهم لإضعاف مشاريع قوانينهم وإفراغها من محتواها ضمن محاولة يائسة لكسب دعم الجمهوريين.
ويبدو لي أن كل هذا كان عملاً يتوخى استيفاء المطلوب ورفع العتب، وهدفه أن يستطيع الديمقراطيون أن يقولوا إنهم حاولوا، وإنهم مدّوا يدهم، لكن يدهم الممدودة قوبلت بالرفض. إذ يبدو دائماً أن الديمقراطيين يريدون الفوز أخلاقياً، ليقولوا إنهم لعبوا اللعبة بشرف. 

والحال أن هذا أمر لا معنى له حينما لم يعد الجمهوريون يكترثون بشأن ذلك النمط من الأخلاقيات، وحينما لم يعودوا يرغبون في لعب اللعبة وفق القواعد الموضوعة. وبهذا يمكن القول إن الديمقراطيين يلعبون لعبة شرف، في حين أن الجمهوريين يلعبون المرحلة الأخيرة من لعبة الشطرنج.
الجمهوريون يوجدون في ما يمكن أن نسميه وضع الفوز بأي ثمن. ذلك أنه لا يهمهم كيف يبدون اليوم ولا كيف سيكون حكم التاريخ عليهم. فالشيء الوحيد الذي يهم بالنسبة لهم هو الفوز والحفاظ على السلطة، والدفاع عن سردية أميركا التي أنشأها البيض، وحماية السلطة والثروة اللتين راكموهما بسبب ذلك.
ومثلما كتبت صحيفة «واشنطن بوست»، الأحد الماضي، فإن «قانون المساواة»، الذي يتوخى إضافة الميول الجنسية وهوية النوع إلى الفئات المحمية ضمن «قانون الحريات المدنية» لعام 1964 إلى جانب العرق واللون والدين والأصل القومي، تعطل بسبب «احتداد الخطاب الجمهوري، وإلحاح ديمقراطي بارز على موافقة كلا الحزبين، وقاعدة الأغلبية المطلقة في مجلس الشيوخ المتمثلة في 60 صوتاً». 
وفي الأسبوع الماضي، اقترح السيناتور جو مانشن، الديمقراطي عن ولاية ويست فرجينيا، إدخال بعض التغييرات والتخفيضات على مشروع قانون حقوق الناخب تدعى «قانون من أجل الشعب»، تعديلات كان يستطيع دعمها ويأمل في أن تحظى ببعض الدعم الجمهوري. لكن موقفه الساعي للتوافق سرعان ما قوبل بالرفض والتعالي من قبل الجمهوريين. كما عرض مانشن بعض التعديلات في «قانون جون لويس لحقوق التصويت»، الذي يسعى لاستعادة أجزاء من «قانون حقوق التصويت». 
لكن مثلما كتب موقع «توكينغ بوينتس ميمو» الإخباري، فإن تعديلات مانشن من شأنها إفراغ مشروع القانون من محتواه في الواقع. وعلى حد تعبير الموقع، فإن «أحد تلك التعديلات المقترحة من شأنه أن يقلّص قدرة المدعي العام على اعتبار ممارسة انتخابية ما تمييزيةً من دون قرار قضائي».
وفي الأثناء، أفاد موقع «بوليتيكو» بأن الديمقراطيين عمدوا ضمن خطوة استباقية إلى تقليص التشريع الخاص بمراقبة السلاح، متبنين موقفاً يجنح إلى التوافق من باب الاستباق، وذلك من أجل تجنب عرقلة جمهورية ستظل موجودة مع ذلك على الأرجح. ووفق «بوليتيكو»، فإن «الديمقراطيين يستعدون للتصويت على نسخة مقلّصة من تشريع مراقبة الأسلحة، من أجل تعزيز عمليات التحقق من خلفيات مَن يرغبون في شراء أسلحة نارية. والهدف: توحيد الحزب وجمع عدد محدود من الناخبين الجمهوريين، على الرغم من أن جهودهم تبدو متجهة نحو المصير المحتوم نفسه الذي لاقته مقترحات سابقة ترمي إلى كبح عنف الأسلحة».


غير أنه بدلاً من الاستمرار في الترويج لتفاؤل زائف بأن العمل والتعاون بين الحزبين بخصوص معظم التشريعات الرئيسية ممكن حقاً مع هذا الحزب الجمهوري، ينبغي للديمقراطيين أن يقولوا لناخبيهم بعض الحقائق المزعجة، وفي مقدمتها الأشياء البديهية: فعلى الرغم من أن الديمقراطيين يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ، فإنه ليس لديهم جميعاً التزام كامل تجاه أجندة سياسية ليبرالية. وهذا يعني أن المعتدلين، مثل مانشن، هم زعماء بحكم الواقع للأغلبية الديمقراطية. إذ لا شيء يمر من دون موافقتهم. 
وهؤلاء المعتدلون أنفسهم هم الذين يقفون في طريق القضاء على المماطلة السياسية.
ولهذه الأسباب تحديداً، من المحتمل أن يتم تمرير القليل جداً عبر مجلس الشيوخ الحالي والذي سيجده الليبراليون مُرضياً. ولهذا، يجدر بالديمقراطيين الاستعداد لخيبة أمل كبرى. 
وبالنظر إلى كل هذه الأمور، ينبغي على الديمقراطيين أن يكفوا عن الحديث حول أهمية التقرب من الجمهوريين، والتوافقات، والتوصل إلى أرضية مشتركة. وبدلاً من هذا، يجدر بهم أن يتحدثوا بكل وضوح ويقولوا إن الحزب الجمهوري تخلى عن الفكرة الديمقراطية الحقيقية والكاملة، لأنه يحاول تمزيقها وإقامة نظام يقلّص لوائح الناخبين مكانها، نظام يحرّف إرادة الشعب الأميركي ويشوّهها. 
وبالنسبة للحزب الجمهوري، فإن نجاح الديمقراطية، أي أن يستطيع عدد متزايد من الناس المشاركة، هو فشلها. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/06/20/opinion/republicans-democrats-manchin-filibuster.html