«بيل غيتس» عرّاب المستقبل الأكثر جدلاً، والذي قلمّا يخطئ في تنبؤاته المستقبلية وكأنه يملك بلورة سحرية يقرأ من خلالها أحداث المستقبل.

ولا يكتفي «غيتس» بذلك، بل ويشارك في صنعها بطريقة أو بأخرى مع باقي أباطرة العالم الجديد، الذين ليسوا بالضرورة أن يكونوا رؤساء دول أو يشغلوا مناصب حكومية، والأمثلة عديدة حول العالم والتي تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك بأن مصالحهم التجارية، والصناعية والتقنية والمالية مرتبطة ارتباطاً مباشراً بتفوق دولهم وقوتها وأسرارها العلمية والعسكرية والتكنولوجية، وهناك العديد ممن يرأسون دولهم والعالم دون مناصب رسمية ومسميات لها علاقة بالسياسة، وفي نهاية المطاف هم من يقررون شكل العالم الحالي والمستقبلي.
وقد سبق وأن تنبأ «بيل غيتس» بصعود مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح مجتمعات قائمة بذاتها، كما تنبأ بالجائحة الأكبر في تاريخ البشرية، وكيف سيغيّر التغير المناخي حياة البشر إلى الأبد في السنوات القادمة، وستنتهي الحروب قبل أن تبدأ بسبب التفوق التقني لأحد الطرفين.

ومن تنبؤاته أيضاً أن أفريقيا ستصبح بحلول 2030 مكتفية ذاتياً غذائياً، وسيزيد الإنتاج الزراعي بنسبة 50%، والقارة اليوم والتي يمثل المزارعون فيها ما نسبته 70% من شعبها تستورد ما قيمته 50 مليار دولار أميركي من الأغذية سنوياً، كما تنبأ «بيل غيتس» بأن تتحول العمليات البنكية والمصرفية كنظام هاتفي ذكي وتختفي البنوك التقليدية ويصبح الهاتف هو البنك الشخصي لكل إنسان.

ويقول «غيتس» إن الدول الفقيرة ستكون قد اختفت بالكامل تقريباً بحلول عام 2035 وستصبح دولاً أكثر تقدماً، وأن يعتمد سكان العالم على الطاقة النظيفة، وستأتي معظم الطاقة من المصادر النظيفة بحلول 2030، وتضيع ملايين الوظائف بعد أن يتم أتممة الوظائف في السنوات الخمسة عشر المقبلة، مما يعني أنه سيتم استبدال ملايين العمال البشر بالروبوتات والأنظمة الذكية والآلية، وفرض ضرائب على الروبوتات التي تتسبب في فقدان الوظائف، وإنشاء برامج انتقالية للفئات الأكثر تضرراً من الطفرة التكنولوجية القادمة، كما ستصبح الروبوتات والشاشات الموضوعة في كل مكان والتفاعل من خلال الصوت من التقنيات ذات التأثير الأكبر للمستهلك في السنوات القليلة المقبلة.


ومن التنبؤات الأخرى المهمة لـ «بيل غيتس» هو أن هجوماً إرهابياً بيولوجياً في عام 2030 سيكون السبب في أكثر من 30 مليون حالة وفاة في عام واحد فقط، كما يتوقع أن يصبح العمل عن بُعد هو النمط السائد في تسيير الأعمال، وسيتم تطوير آليات الاجتماع عن بعد لتحل محل الاجتماعات الحضورية بصورة كلية، وتقليل السفر لإنجاز الأعمال الخاصة والحكومية بنسبة 50%، ويتنبأ أيضاً قائلاً: «ستتغير فكرة التعليم أو تحديد موعد للطبيب أو مكالمة مبيعات، حيث تعتمد على الشاشة فقط مع شيء مثل Zoom أو Microsoft Teams بشكل كبير»، ويعيش الناس في أماكن مختلفة تماماً عن مكان وظائفهم، وسيعاد التفكير في تصميم المنازل والتي ستصبح للعمل والعيش معاً، كما لن يحتاج الشخص لمغادرة المنزل للحصول على احتياجاته اليومية.

وسيكون المنزل ذكياً بالقدر الكافي الذي يجعله يشعر بالحالة النفسية لمن يقطنه ويقدم له طعامه وهو جالس في غرفة نومه دون أن يتحرك، وفيما يخصّ الوباء القادم لن يكون بنفس السوء، وستكون اللقاحات جزءاً مهماً في حياة الناس من الولادة حتى الممات، وسيكون لكل شخص شفرة إلكترونية تقيس حالته الصحية بصورة مستدامة، وتتنبأ بالأمراض التي قد تصيبه وما يحتاجه من أدوية، وسيكون الربط بين الإنسان والآلة كبيراً جداً لدرجة ستكون فيها الآلة الصديق الحميم والمقرّب للبشر، ولن تكون الوحدة مشكلة أبداً لمن يملك ثمن تكنولوجيا تلك الحقبة الزمنية القادمة، وسيتم سجن المجرمين في بيوتهم، ومعرفة نوايا ومشاعر من ينوون القيام بجريمة ما والقبض عليهم قبل الشروع فيها، وسيكون الإنسان مراقباً على مدار الساعة من خلال كل ما حوله من تكنولوجيا.
* كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات