هنا في الإمارات، الدولة المنفتحة على كافة الحضارات، اعتدنا على التعامل مع مختلف الثقافات التي تنتمي لنحو 200 جنسية، حيث يعيش معنا مقيمون من مختلف المشارب والأديان والطوائف. ونحن بإرثنا المتجذر لا نميز بين الناس، حيث نحترم الجميع. وهذه الصفة إماراتية بامتياز، حيث علَّمنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ألا نميز بين الناس بسبب الانتماء، وأن نحترم الأديان ونوقر رجال الدين، وعندما نسافر إلى أي دولة لا نشعر بما يشعر به بعض المنتمين لدول مغلقة، بل نحافظ على سلوكنا السوي باحترام الجميع، وهذه حقيقة تطبع موروثاً وتربيةً صحيحةً عرفناها منذ الصغر في المدارس التي تضم أدياناً مختلفة وفي العمل وفي كل تفاصيل حياتنا.
لكن للأسف، فإن بعض المغرضين يحاولون التصيد في الماء العكر، فينتهزون أي فرصة للتعليق على سلوك اعتيادي قائم على الاحترام وتقدير الآخر، سواء أكان شخصاً عادياً، أم رجل دين من أي دين أو طائفة. وعادةً مَن يقومون بالتعليقات المغرضة ينتمون لجماعة الإخوان المتأسلمين المارقة التي تحاول دق الأسافين بين العرب والمسلمين وحتى أبناء الدولة الواحدة. وينشط الذباب الإلكتروني للجماعة عبر مواقع التواصل ومنصاتها لكي تضخم مواقف بسيطة واعتيادية، وتشن حملاتها القذرة، لكن دائماً ما تنكشف هذه الجماعة الانتهازية عبر مواقف عدة لتظهِر للجمهور مدى تناقضها وانتهازيتا. 
نفتخر في دولة الإمارات بأن لدينا وزيراً للتسامح، مما يؤكد على نهج الدولة في العيش المشترك للجميع على أرض الإمارات، فالدين الإسلامي الوسطي المعتدل والثقافة الإماراتية الموروثة، كل ذلك يؤكد على التآلف والتسامح الذي هو في صميم نهج دولة الإمارات. كذلك لا ننسى ما قامت به دولتنا حين أطلقت البرنامج الوطني للتسامح الذي اعتمده مجلس الوزراء في عام 2016، والذي يركز على إرث زايد والأخلاق الإماراتية والقيم المشتركة والفطرة الإنسانية والمواثيق الدولية، والذي من أهم محاوره المساهمة في الجهود الدولية لتعزيز التسامح.
ولدينا مهرجان يهدف لتحقيق السلام للجنس البشري ككل، والعمل على نهج زايد في نشر التسامح والتأكيد على القيم والمبادئ الإماراتية، ولا ننسى أيضاً أن دولتنا تحتضن العديد من دور العبادة للأديان الأخرى، ومنها مسجد مريم أم عيسى الذي تمت تسميته بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للتأكيد على الترابط بين الأديان والاحترام للجميع. كما تمت تسمية عام 2019 عاماً للتسامح لتكون الإمارات عاصمة التسامح في العالم، كونها دولة منفتحة على الثقافات الأخرى، وقد استضافت المؤتمر العالمي للأخوّة الإنسانية الذي أصدر وثيقة «الأخوّة الإنسانية» وقد وقّعها كل من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية. ووقتها خصَّ البابا دولة الإمارات بزيارة تاريخية مؤكِّداً على نهجها في التسامح والتآلف بين الأديان.
ولا ننسى أيضاً أن الإمارات أطلقت البيت الإبراهيمي الذي سيكون معبداً للديانات الإبراهيمية، الإسلام والمسيحية واليهودية، ليؤكد مدى القرب بين أتباع هذه الديانات السماوية والعلاقة الكبيرة التي تجمع أصحابها من حيث الجذور المشتركة، وكونها انطلقت جميعاً من منطقتنا، وهذا يؤكد أن من واجبنا أن نحترم جميع الديانات، فكيف بالديانات السماوية الثلاث؟ 

تعزز الإمارات دورَها الإنساني ونهجها في التسامح على كافة الأصعدة، ولا عزاء لمن يحاول تشتيت الجهود وخلق ترهات لا طائل منها، كما تفعل هذه الجماعات في سعيها لتعزيز الصراعات بما يحقق خططها وأهدافها الباطلة التي لن تحققها بوجود مَن يسعى لنشر قيم السلام والتعايش والتسامح.


*كاتب إماراتي