في الثامن والعشرين من أبريل الماضي، ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن خطاباً على جلسة مشتركة للكونجرس بمناسبة مرور مئة يوم على توليه الرئاسة. صورتان فريدتان ميّزتا هذه الخطاب. الأولى هي التباعد الذي ميز الحضور بسبب الظروف الصحية لجائحة كوفيد 19 والحاجة إلى التباعد الاجتماعي. والثانية هي وقوف بايدن إزاء المنبر أمام رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ونائبة الرئيس كمالا هاريس. وكانت تلك المرة الأولى التي يشاهَد فيها رئيس مع ثنائي نسائي في الخلفية. وكان ذلك تاريخيا. 
ولكن الخطاب الذي أعقب ذلك كان تاريخياً أيضاً. ففي أكثر من ساعة بقليل، أوضح بايدن الخطوط العريضة لأكثر خططه طموحاً بالنسبة للمجتمع الأميركي منذ خطاب ليندون بينز جونسون في 1963 عقب اغتيال جون كينيدي. وقال بايدن إن إدارته تقترح 4.1 تريليون دولار للاستثمار في البنية التحتية وما سماه «خطة للأسرة». 
خطة البنية التحتية، التي تقدر كلفتها ب2.3 تريليون دولار، تتوخى تلبية احتياجات قطاع النقل الذي يعاني من نقص في التمويل مثل الطرق والجسور والمطارات والممرات المائية. كما تهدف إلى تمويل ترقية كبيرة لنظام شبكة الكهرباء الوطنية، واستثمارات جديدة في الأنظمة المائية، والإنترنت عالية السرعة، والمدارس العامة، ومنشآت رعاية الأطفال. أما خطة الأسرة، التي من المرتقب أن تبلغ كلفتها 1.8 تريليون دولار، فمن المرتقب أن تركز على برامج الدعم المنزلي والتعليم والائتمانات الضريبية بالنسبة لعمال «الياقات الزرقاء» (أولئك الذين ينخرطون في أعمال يدوية شاقة). وتتمثل حجة بايدن في أنه بالمقارنة مع ديمقراطيات غربية أخرى، فإن الولايات المتحدة تصنّف في مراتب متأخرة بخصوص الاستثمار في الأسر والأطفال والتعليم. ولكي تستعيد مكانتها المرموقة السابقة كقوة عالمة، لا بد من الاستثمار في الناس، إضافة إلى البنية التحتية من أجل النجاح في عالم تنافسي للغاية. 
مغامرة بايدن تتمثل في أن تحظى هذه المقترحات الراديكالية بالقبول والشعبية بين أغلبية الأميركيين، بمن فيهم الكثيرون داخل قواعد الحزب «الجمهوري». أما «الجمهوريون» في الكونجرس، فتلك مسألة أخرى. ذلك أنه لئن كان هناك دعم من الحزبين لبعض البرامج الأساسية مثل الجسور والطرق، فإن الزعماء «الجمهوريين» ينددون بالكثير من المقترحات باعتبارها «اشتراكية» وباهظة للغاية بالنسبة لبلد التزم بتريليون الدولارات لحالات الطوارئ المرتبطة بكوفيد بما في ذلك تخصيص مساعدات مالية لمعظم الأسر والكثير من الشركات. والحال أنه بدون دعم «جمهوري»، فإن الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها بايدن تحويل مشاريع قوانينه إلى قانون هي الأمل في أن يدعمه كل «ديمقراطيي» الكونجرس، وأنه من خلال استخدام مشروع قانون «مصالحة» يستطيع تفادي الحاجة إلى الدعم «الجمهوري» في مجلس الشيوخ. فهذه العملية يمكن أن تستخدم لتسريع بعض التشريعات المتعلقة بالميزانية في مجلس الشيوخ، ولكن فقط من أجل مشروع قانون واحد في السنة بخصوص عنصر معين.
والواقع أنه سبق لبايدن أن أشار عدة مرات من قبل إلى أنه مستعد للتوافق من أجل تمرير التشريع، ولكن بالنظر إلى مزاج «الجمهوريين» الحالي، فإنه يبدو من المستبعد أن يتوصلوا معه لأي اتفاق رغم أنهم يعرفون أنه سيكون شعبياً.