قبل نهاية فترة المئة يوم الأولى للرئيس جو بايدن في منصبه، عمد الإعلام الأميركي إلى توزيع التهم على جهات محددة في العالم، بينها روسيا، الطرف الأكثر إثارة للجدل في واشنطن بعد الصين. ومن ذلك تهمة «الدكتاتورية» التي أطلقها بايدن على نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ليرد عليه الأخير متمنياً له صحة «بدنية» جيدة، وملمحاً إلى أن تغليب الحوار حول القضايا العالقة أكثر جدوى. لكن التهمة تدحرجت لتتطور، وتصبح «دكتاتور مهوس بالتسلّح»، ما طرح سؤالاً: هل تبادل التهم مؤشر على تصعيد في مكان آخر، كالبحر الأسود المُحتشد بالبوارج الحربية؟ أو كإقليم «دونباس» الساخن على الحدود الأوكرانية؟ 
الرئيس بوتين لمن لا يعرفه، مطّلع وقارئ نهم، لا يكتفي بالملخصات، وقد نُقلَ عنه أنه في زيارته الأولى لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 2007، تساءل: ألا يجدر بنا في العادة أن نتوافر على معلومات كافية عن البلد الذي نزوره؟ فوفّر له طاقمه بعض الكتب المترجمة من العربية عن دولة الإمارات، ومنها كتاب «عصارات في التاريخ السياسي والنظام الدستوري» للدولة، للدكتور يوسف الحسن، فأنهى قراءته خلال الرحلة. 
وحدث أن ووجه بوتين من صحفي روسي ببعض ما يردّد عنه في أميركا (والغرب عموماً) من تُهم، خاصة تهمة «الدكتاتورية»، فعلّق باستدعائه حكاية شعبية من الأدب «الموسكوفي» تتضمن عظة ومقاربة، وقال: كانت هناك عائلة تملك مزرعة واسعة، فيها خيول وأبقار وأغنام وتنتج حقولها غلاّت وخيرات. كل أسبوع يذهب رب العائلة مع الأبناء إلى السوق لبيع المحاصيل وجلب المال. وكانوا يتركون شاباً يافعاً مدرباً على استخدام السلاح، يحرس المزرعة والبيت. وفي أحد الأيام، وبينما هو يجول في المزرعة متفقداً إياها، جاءه بضع رجال ليكلموه، فأوقفهم بسلاحه على مسافة، فلاطفوه بكلام معسول، وقالوا له إنهم مسالمون ولا يضمرون إلا خيراً، وما كانوا سوى عصابة متمرسة في النهب والسطو. فأغروه بساعة فاخرة. أُعجب الفتى بالساعة وأبدى رغبته، وحين وثقت العصابة من تعلقه بالساعة، عرضوا عليه مبادلتها ببندقيته، ففكر الفتى قليلاً وكاد يقبل، لكنه تراجع قائلاً «انتظروني غداً». في المساء حين عاد أبوه وإخوته روى لهم القصة، وذكر لأبيه الساعة وجمالها. فقال له أبوه: حسن، أعطهم سلاحك وخذ الساعة، وحين يهاجمونك ويسرقون كل ما في مزرعتك، ويغتصبون عائلتك، انظر في ساعتك الجميلة لتوثق زمن اغتصاب شرفك.