في الأيام الأولى من الوباء، تصدّر «دان باتريك»، نائب حاكم ولاية تكساس، عناوين وسائل الإعلام حين قال: إن على الأميركيين من كبار السن أن يكونوا مستعدين لمواجهة خطر الموت حتى يستطيع الأميركيون الأصغر سناً «العودة للعمل». ومؤخراً، قال «باتريك»: إن سكان تكساس الذين وجدوا أنفسهم مطالبين بتسديد فواتير كهرباء باهظة تصل إلى 17 ألف دولار، عقب موجة البرد التي ضربت الولاية في فبراير الماضي، لا يمكنهم أن يلوموا أحداً غير أنفسهم لأنهم لم «يقرأوا الشروط والأحكام». 
والواقع أنه مؤسف جداً أن يستطيع سياسيون يندّدون بالنخبويين الليبراليين إبداء مثل هذه المواقف حينما يواجه أميركيون عاديون المشاكل. ولكن شيئاً آخر صدمني بشأن موقف «باتريك» من فواتير الكهرباء الغالية جدا، ألا وهو: كيف أصبحنا بلداً يمكن أن يكون فيه الخراب مصير بعض الأسر إن هي لم تدرس بعناية شيئاً عادياً، وروتينياً، مثل عقد خدمة الكهرباء؟ 
على أن الكهرباء ليست المثال الوحيد. فمثلما وثّقت الصحافية «مارغوت سانجر كاتز» من «نيويورك تايمز»، فإن الكثير من الناس وجدوا أنفسهم إزاء أعباء مالية ثقيلة لأنهم اختاروا خطة التأمين الصحي الخطأ - والحال أن حتى الخبراء أنفسهم يجدون صعوبة كبيرة في تحديد أي خطة هي الأحسن. كما أن استخدام شركة رعاية صحية من خارج الشبكة يمكن أيضاً أن يؤدي إلى فواتير طبية ضخمة. 
انتظر، فهناك المزيد. ذلك أن أحد أسباب أزمة 2008 المالية كان انتشار ترتيبات مالية جديدة مثل «قرض الفائدة فقط»، والذي كان يبدو صفقة ممتازة، ولكنه عرّض المقترضين لمخاطر هائلة. 
الشيء الذي تشترك فيه كل هذه القصص هي أنها تقدم لمحات لبلد تُعرض فيه على الكثير منا خياراتٌ أكثر مما ينبغي، بطريقة يمكن أن تتسبب في كثير من الضرر. 
صحيح أن المبادئ الاقتصادية الأساسية والإيديولوجيا المحافظة تقول إن مزيداً من الاختيار هو دائماً شيء جيد. وعلى سبيل المثال، فإن سلسلة ميلتون فريدمان التلفزيونية الشهيرة والمؤثّرة في الثمانينيات، التي كانت تمجّد الرأسمالية، كانت تحمل عنوان «حر في الاختيار». غير أن انتشار هذه الإيديولوجيا حوّل أميركا إلى بلاد حيث باتت جوانبُ عدة من الحياة، التي كانت في السابق مجرد جزء من الخلفية، تتطلب قراراتٍ يمكن أن تكون مصيرية. فأنت لا تحصل على خطة تقاعد، بل عليك أن تقرّر كيف تستثمر الـ401 ألف دولار التي لديك. وحينما تبلغ سن الخامسة والستين، لا تسجَّل في برنامج «ميديكير» وحسب، وإنما عليك أن تقرر في أي من خطط «ميديكير» العديدة ستنخرط. كما أنك لا تحصل على الكهرباء والخدمة الهاتف وحسب، وإنما عليك أن تختار أيضاً من تشكيلة واسعة من الخيارات. 
صحيح أن بعض، بل ربما معظم، هذا التوسيع في الاختيارات كان جيداً. فأنا بكل تأكيد لا أحنّ إلى الأيام التي كانت فيها كل هواتف المنازل تمتلكها شركة «إي تي آند تي»، ولم يكن مسموحاً للزبائن باستبدال أجهزة الهاتف الخاصة بهم. غير أن القول إن مزيداً من الاختيارات هو دائما شيءٌ جيد، يقوم على افتراض أن لدى الناس قدرة غير محدودة تقريباً على القيام بالجهد اللازم بخصوص كل جانب من جوانب حيواتهم، ولكن العالم الحقيقي ليس كذلك. فالناس لديهم أطفال ليربّونهم، ووظائف ليقوموا بها، وحيوات ليعيشوها، وقدرة محدودة على استيعاب المعلومات. 
وفي العالم الحقيقي، يمكن أن تكون الاختيارات الكثيرة جداً مشكلة كبيرة. 
إن الدرس الذي يمكن استخلاصه من أمثلة القروض العقارية عالية المخاطر، والتأمين الصحي، وكهرباء تكساس الآن، هو أن الأشخاص الذين يُمنحون خيارات أكثر مما ينبغي، سيرتكبون أخطاء أكبر مما كانوا يعتقدون أنه ممكن. 
ما أريد قوله إن مجتمعاً يحوِّل ما يفترض أن تكون مصادر قلق روتينية إلى قرارات مصيرية حاسمة – مجتمع حيث يمكنك أن تدمّر حياتك عبر اختيار شركة الكهرباء الخطأ أو شركة التأمين الصحي الخطأ – يفرض أعباء ذهنية حتى على الطبقة المتوسطة. والحال أن كل هذا غير ضروري. فنحن بلد غني، ومواطنو البلدان الغنية الأخرى لا يشعرون بالقلق بشأن التعرض للإفلاس بسبب النفقات الطبية. ثم إن الأمر لا يتطلب الكثير من أجل حماية الأميركيين من التعرض لاحتيال مقدّمي القروض العقارية، أو من خسارة مدّخرات حياتهم بسبب التقلبات في الثمن الإجمالي للكهرباء. 
وعليه، ففي المرة المقبلة التي يحاول فيه أحد السياسيين تسويق سياسة جديدة – مثل تحرير قطاع من القطاعات في الغالب – عبر الزعم بأن ذلك سيزيد من الاختيارات، فيجدر بك أن تشكك في كلامه. ذلك أن امتلاك خيارات أكثر ليس أمراً جيداً دائماً، وربما لدينا في أميركا اختيارات أكثر مما ينبغي. 

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/03/01/opinion/deregulation-health-care-electricity.html